في هذا المقال سنتحدث عن أمر هام جداً يخص جميع المضاربين بلا استثناء بناءاً على دراسات متقدمة واختبارات قدمها خبراء التنمية البشرية والذين قاموا بالربط في الإختلافات بين الأشخاص الذين يتقدمون ويتطورون يوماً بعد يوم – بغض النظر عن المجال الذي يعملون به – وبين الاشخاص الآخرين الثابتين في اماكنهم وهذا الإختلاف القوي في الخصائص بين الفئتين يعود الى الحالة الذهنية والعقلية بين الاشخاص انفسهم ، في الكتاب الرائع لخبيرة الطب النفسي في جامعة ستانفورد كارول دويك والتي ذكرت في الكتاب الذي يحمل نفس العنوان Mindset الفارق الجوهري بين المضاربين الذين يحملون ما يسمى بـ Growth Mindset أو الحالة الذهنية القابلة للنمو والتطور وبين المضاربين الآخرين Fixed Mindset أو كما تعرف بالحالة الذهنية المحدودة والثابتة والغير متغيرة.
المضارب صاحب العقلية القابلة للنمو:
المضارب الذي يحمل عقلية قابلة للنمو والتطور Growth Mindset يتقدم ويزدهر كلما واجه صعوبات وتحديات (ومشاكل) جديدة ، هذه النوعية من المضاربين يعلمون بأن سبب فشلهم (المؤقت) يعود إلى أن هناك أمر لا يعرفونه ، او لم يتدربوا عليه بشكل كافي ، هؤلاء المضاربين يؤمنون بأن كل الحوادث الجيدة والسيئة تحمل خبرات لا يستهان بها سيقومون بالإستفادة منها بشكل كبير في المستقبل.
لكن من اهم الصفات التي يحملونها ان الفشل والمتعة التي تحملها هذه الرحلة من اخطاء متكررة ليست بسبب نقص في ذكاؤهم او فهمهم او طريقة تفكيرهم ، هم يعلمون بأن الطرق المؤدية للنجاح محفوفة بشكل مستمر بالفشل ، لذلك هم لا يأخذون هذا الأمر بمحمل شخصي ويعتبرونه جزء رئيسي من اللعبة.
هذه النوعية من المضاربين لا يؤمنون كثيراً بالخرافات المتعلقة بالموهبة ، والذكاء الفطري والحظ ، هم يعلمون بأن كل هذه الأمور يسهل تحصيلها اذا وجدت الرغبة والمثابرة والإصرار لذلك ، ربما من اهم الاختلافات التي يحملونها من منظورهم انهم ينظرون للمضاربين الناجحين بعين الإعجاب ويعلمون بأن هؤلاء الناجحين لا يملكون صفات مختلفة عن غيرهم ، ولكنهم يعلمون بأن هؤلاء المضاربين قد وصلوا الى ما وصلوا اليه بالإصرار والجهد والكفاءة والتعب والدراسة والتطبيق المستمر ، والأهم من ذلك انهم يعلمون بأنهم قادرين على تحقيق نفس الشئ مع الوقت.
المضارب صاحب العقلية الثابتة المحدودة:
هؤلاء المضاربين على الوجه الآخر تماماً من النوعية السابقة ، هؤلاء قادرين على إيجاد الأخطاء في كل شئ حولهم ما عداهم هم ، لديهم مشكلة مع الحظ السئ ، ونسبة الذكاء التي ولدوا بها وعدم الوقت الكافي للدراسة والتدريب ، لديهم مشكلة مع الهوامير والمتحكمين بالأسواق والأخبار المفاجئة التي تصدرها الحكومات والبنوك المركزية ، لديهم مشكله مع آبائهم وابناؤهم وزوجاتهم واقربائهم واصدقائهم ايضاً ، هؤلاء لا يؤمنون بأنهم قادرين على التغير والنمو لو قاموا ببذل بعض الجهد والتعب لذلك.
وفي المقابل ، هم قادرين دائماً على اقناع الآخرين بأن المشكلة اكبر منهم ويصعب السيطرة عليها ، فوضع السوق بشكل عام وشركة الوساطة سيئة السمعة والسبريد العالي وتعامل البنوك معهم وتحكم الهوامير بالسوق الى غير ذلك من الاعذار الغير صحيحة تناسبهم وتشعرهم بالراحة.
ربما تعد احدى اهم الاشارات التي يمكن بها قياس اداؤهم هو بحثهم الدائم عن استيراتيجيات معلبة لتطبيقها فوراً في السوق ، لحسن الحظ لا يوجد استيراتيجية واحدة جاهزة للتطبيق في السوق لتحقيق ارباح خيالية – على حد علمي المتواضع – ، ولا يوجد كما اعتقد منطق رياضي موحد مشابه لمبدأ واحد زائد واحد يساوي اثنين ، لتحقيق ارباح في هذا السوق لا بد من التعب والدراسة والممارسة والتطبيق المستمر ، لا بد من التجربة والخطأ وتصحيح الخطأ ، لا بد من تغيير العقلية التي نحملها بأن هذا السوق سهل جداً وبأن بعض المضاربين يملكون خطة عمل سرية واستيراتيجية رهيبة لتحقيق الأرباح بدون تعب ، للأسف استمرارك بالبحث بهذه الطريقة قد يستغرق حياتك بالكامل بدون ان تصل اليها.
ربما يوجد استيراتيجيات مناسبة للتداول عند المضاربين الآخرين ، ولكنك لن تستطيع تحقيق ارباح بإستخدامها ، لأن المضارب الآخر الذي سيشاركك طريقته في اختيار الصفقات وتنفيذها لن يكون قادراً – حتى لو اراد ذلك – بأن ينقل لك ايضاً خبراته ومتابعته للسوق وحالته العقلية والذهنية التي يتداول بها.
لذا حاول ان تسدي لنفسك معروفاً وتحاول ان تبدأ بشكل مبسط بتغيير الحالة العقلية والذهنية التي تتداول بها في السوق قبل البحث عن الوصفة السحرية للنجاح وتحقيق الارباح.
مقال رائع
حياك الله اخي الكريم وشكرا لمرورك
بارك الله فيك أستاذنا الغالي على هذه المقالات القيمه, شكرا .
الله يبارك فيك وشكرا لك اخي محمد على مرورك وإطلاعك على المقال 🙂
شكرا جزيلا على المقالات الهامة و المفيدة جدا.
العفو اخي طارق وسعيد بأن المقال اعجبك ، شكراً لك..
من طلب العلا سهر الليالي بمعنى آخر من طلب الملايين لابد أن يتعب ويجتهد ويصيب ويخطى وبالنهاية سينجح في تحقيق الأهداف الخاصة به .
بارك الله فيك ووفقك
كتاباتك مميزة
أشكرك اخي احمد وسعيد بأن المقال اعجبك
تشخيص موفق وجزيت خيرا ونسأل الله تعالى العلم النافع وأن ينفعنا بما علمنا