ترندات برايس اكشن
في مقالات سابقة تحدثنا عن أهمية مراجعة الصفقات المغلقة (الرابحة والخاسرة) والتأكد من الأخطاء او الإجراءات الصحيحة التي رافقت هذه الصفقات ، وهي الخطوة الأولى لتصحيح المسار حول صفقات قليلة الاخطاء في المستقبل وذلك بزيادة الوعي والإدراك حول الاخطاء المتكررة التي نقوم بترديدها خلال التداول ، وهذا ما سيساعدك به مراجعة كل صفقة تم إغلاقها ثم تصحيح هذه الاخطاء في الصفقات المستقبلية.
ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال بأن نقوم بتطبيق نظرية “Recent Effect” او “التأثيرات الحديثة” التي تعتبر إحدى التأثيرات التي ترافقنا بإستمرار في حياتنا اليومية ، وهذا ما أرغب بشرحه بإستفاضة في هذا المقال وبإمكانك من خلال قرائتك لكل فقرة على حدى ربط هذه الاحداث بأمور حدثت معك خلال التداول.
التأثيرات الحديثة
التأثيرات الحديثة بشكل عام تعني ربط الاحداث الحالية بأحداث سابقة حصلت معك مؤخراً ومحاولة ايجاد رابط بينهما ، هل تذكر أول فكره خطرت في عقلك عندما طلب منك احد زملاؤك قرض صغير على ان يتم إعادة المبلغ خلال اسبوع ، سيقوم عقلك – بشكل تلقائي – بالبحث في الملفات المخزنة الحديثة وسيقوم بتذكيرك على الفور بأن (فلان من الناس) استلف منك ايضاً مبلغاً من المال منذ اسبوع ولم يقم بإعادته إلى الآن! وهذا ما سيدفعك ايضاً – بشكل تلقائي – الى رفض اعطاء المبلغ للشخص الآخر بالرغم من معرفتك التامة بأن هذا الشخص الجديد لا يشبه بأي شكل من الاشكال صديقك القديم الذي لم يصدق معك بإعادة المبلغ في حينه.
ولذلك فإن مهمة عقلك في هذه الحالة استرجاع الحالات السابقة (الحديثة تعتبر افضل) وعرضها عليك ليفرض عليك اتخاذ قرار جديد لا يتناسب مع كل حالة من الحالات التالية له ، أو بأن تقوم بشراء سيارة ثم يتسبب عطل في هذه السيارة لخسارة مبلغ من المال من جانبك ، في كل مرة ستفكر فيها بشراء سيارة التي ليس بالضرورة أن تكون نفس الموديل ولكن ربما من نفس الشركة ، سيقوم عقلك بإعادة مشهد السيارة السابقة الحديثة الى مخيلتك لتذكيرك بالحادثة الأليمة التي خسرت معها مبلغاً من المال.
هذه التأثيرات الحديثة التي تقوم عقولنا بعرضها تلقائياً علينا خلال احداث حياتنا اليومية قد تكون سبباً في خسارة رأس المال في حال عدم الإنتباه لها اثناء التداول من محاولة ربط الاحداث بعضها ببعض بدون وجود رابط منطقي بين الاثنين.
التأثيرات الحديثة في اسواق الاسهم والعملات
هل تذكر آخر صفقة قمت فيها بالشراء لأن السعر وصل الى مستوى دعم ، ولكن بعد تنفيذ الصفقة والشراء من مستوى الدعم قام السعر بكسر مستوى الدعم وخسارة الصفقة ، او هل تذكر مشاهدتك لنموذج مثلث صاعد ايجابي وقمت بالشراء بعد اختراق السعر لمستوى مقاومة المثلث لتتفاجأ بعد ذلك بإرتداد السعر للأسفل وضرب وقف الخسارة!!
هل تذكر كيف قمت بالشراء بعد اختراق السعر لخط الاتجاه الهابط وقام السعر بالاستمرار في اتجاه صاعد ووصل الى المستوى المستهدف الذي توقعته انت سابقاً وحققت لك تلك الصفقة ارباحاً رائعة..
تذكر – وتأكد – بأن كل صفقة خسارة أو ربح تحدث لك في السوق يقوم عقلك بتسجيلها وحفظها وارشفتها في ملفات خاصة ليتم استدعائها لاحقاً في حال الضرورة ، بالرغم من أن هذا الأمر يساعدنا كثيراً على تسيير حياتنا اليومية بدون الحاجة لتعلم الاشياء التي تعلمناها سابقاً في كل مرة ، إلا أن عدم الإنتباه لهذا الأمر في اسواق الاسهم والعملات وترك العقل ليقوم بمراجعة الملفات السابقة الحديثة ومقارنتها واستخلاص القرارات منها – بدون وعي كامل منك – ممكن بسهولة ان يتسبب ذلك بتدمير محفظتك بشكل كامل.
لو طلبت منك ان تشرح لي بشرح كامل لماذا لم تقم بالشراء بالرغم من أن حركة السعر كانت تشير إلى صعود مستقبلي للسعر ، أو لماذا لم تقم بإغلاق الصفقة بالرغم من الإشارات الواضحة على الشارت ، أو لماذا قمت بالمخاطرة بشكل قوي وخاطرت بـ 50% من محفظتك في آخر صفقة لك؟ جميع هذه الأسئلة قد تكون الإجابة عليها واضحة للغاية ، إنه بسبب التأثيرات الحديثة وعدم وعيك لما حدث لك خلال الصفقات الأخيرة..
إذا لم تستطع أن تقوم بتفعيل صفقة حالية قم بمراجعة عقلك بشكل واعي وحاول معرفة السبب بذلك ، سيكون السبب لأن آخر صفقة (تشبه الصفقة الحالية) انتهت بخسارة وضرب لوقف الخسارة. بالرغم من ان الصفقة الحالية (التي لم تقم بتفعيلها انتهت بربح) وربما لذلك تعودت انت على ترديد مقولة “عندما اقوم بتنفيذ الصفقة تنتهي بخسارة وعندما اتابعها بصمت بدون ان اشارك بها تحقق الهدف !”.
لماذا قمت بالمخاطرة بمبلغ عالي في صفقة حالية وانتهت بشكل مأساوي ، السبب بإختصار لأن آخر صفقة قمت بتنفيذها بسبب نفس النموذج انتهت بربح ، من الحكمة أن تتعامل مع كل صفقة بشكل منفصل تماماً عن الصفقات السابقة ، يقول شواتز بأن اكثر الصفقات الخاسرة التي سببت له هبوط قوي في رأس المال كانت تأتي بعد سلسلة من الصفقات الرابحة ، وذلك بسبب بسيط لأن التأثير الحديث على عقلك قد وصل الى قمة التفاؤل مما يجعل المتداولين يخاطرون بمبالغ اكبر بعد اعتقاد خاطئ بأن صفقات متتالية رابحة معناه بشكل آلي ربح الصفقات القادمة.
والعكس صحيح ايضاً ، الكثير من المتداولين يقوم بتخفيض مخاطرته في أسواق المال بعد سلسلة من الصفقات الخاسرة المتتالية ، أو يقوم بالتردد بشكل واضح في تفعيل صفقات حالية بسبب صفقة خاسرة سابقة وذلك بتطبيق سلبي لمفعول “التأثيرات الحديثة”.
الملخص والخاتمة
1- قم بمراجعة جميع الصفقات المغلقة (الرابحة والخاسرة) وتسجيل الأخطاء التي وردت في هذه الصفقات لتفاديها مستقبلاً.
2- لا تقم بربط حالة الصفقات المغلقة حديثاً بالصفقات الحالية ، كل صفقة تعتبر نموذج منفصل لا علاقة لها بسابقتها.
3- قم – بشكل واعي – بمراجعة اسباب دخولك لصفقات حالية بدون التفاؤل المفرط بسبب صفقة رابحة حديثة او التشاؤم بشكل مبالغ فيه بسبب صفقة خاسرة حديثة.
4- قم بتسجيل المحاولات المتكررة التي يفرضها عقلك عليك قبل تنفيذ صفقات حالية ، ثم قم بعد ذلك بفلترة هذه الفرضيات وتأكيد صحتها ، اذا وجدت ان هذه الفرضيات كانت فقط بسبب صفقات وتجارب سابقة لا علاقة لها بالصفقة الحالية ، قم فقط بتجنبها وتحييدها وتجاهلها والإستمرار في تحليلك الواعي للسهم وتحديد نقاط دخولك واهدافك من الصفقة بشكل منفصل عما سبق.
إذا رغبت في فهم هذا المقال بشكل اكبر ، قم بمراجعة النقطة رقم 4 السابقة وتنفيذها في كل صفقة مستقبلية لك لتتأكد من كمية الفرضيات الخاطئة التي يفرضها عقلك عليك وكنت تتقبلها بشكل غير واعي ، من المهم جداً معرفة اسباب الدخول في الصفقة ، والأهم من ذلك أن تكون هذه الاسباب متعلقة بالصفقة الحالية وليست مراجعة لصفقات سابقة في الماضي انتهت بربح او خسارة ، ولكن بالنسبة لعقلك هذه الصفقات لم يتم اغلاقها بعد ، وسيقوم هو – في كل مرة – بتذكيرك بذلك وللتأثير على قرارك في صفقاتك الحالية.
أسرار عمل العقل في دفاعه عن النفس كثيرة وخفية وقد يفعل الجاهل بنفسه ما لا يفعله العدو بعدوه