لو إفترضنا صحة المعادلة الذي يجب إتباعها للنجاح في التداول أسواق المال فسوف تكون على الشكل التالي:
هذا معناه بأن سيكلوجية المضارب (الحالة النفسية والذهنية) تشكل تقريباً %80 من معادلة النجاح ويبقى فقط %20 (للتحليل الفني واستيراتيجية الدخول والخروج).
تتبقى نسبة للإدارة المالية ليست مستقلة بحد ذاتها بل تشترك في العديد من الصفات والخصائص مع نفسية المتداول واستيراتيجيته المتبعة في التحليل الفني ، وهذا ما أعتقده برأي شخصي للإدارة المالية وذلك يعود للأسباب التي سنسردها تباعاً في هذا المقال ، ولكن لنفهم أولاً معنى الإدارة المالية للصفقات ثم نتحدث عن اسباب اشتراك الإدارة المالية مع سيكلوجية المضارب وتحليله الفني للسوق.
مفهوم الإدارة المالية:
حسب تعريف Investopedia لمفهوم الإدارة المالية ، الإدارة المالية هي الإجراءات والعمليات الخاصة بوضع الميزانيات و الإدخار و الإستثمار و الإنفاق والإشراف على الإستخدام للنقد سواءاً للفرد او الشركات.
ما يهمني في هذا التعريف ولخدمة فكرة هذا المقال هي العبارة الأخيرة (سواءاً للفرد او الشركات) ، الخطأ الكبير المنتشر بين المضاربين بشكل واسع جداً هو عدم القدرة على التمييز بين عملك كفرد وبين عملك كشركة ، حتى الآن – وربما بعد سنوات طويلة للمضاربين في السوق – لا يملكون فكرة واضحة عن ارباحهم او خسائرهم الشهرية والربع السنوية والسنوية ، وما زال الكثيرون يعتقدون أنهم بسبب عملهم ( كأفراد ) فإن ما ينطبق على الشركات لا ينطبق عليهم ، على العكس تماماً من ذلك ، انت مطالب بشكل دوري بإعادة النظر في كشف حسابك لأنه هو الدليل الواضح على تحسن أداؤك أو تراجعه مع مرور الوقت بشكل دوري ، هل فكرت في تخصيص يوم في الشهر لمراجعة أداء الشهر السابق ، او مرة كل اربعة اشهر ( ربع سنوي ) او مرة في نهاية العام لمراجعة الأداء بشكل كامل.
هل تعتقد بأن هذه الإجراءات ( المملة والمعقدة ) خاصة فقط بالشركات الكبيرة ولا تمثل أي أهمية بالنسبة لك كمضارب يومي ، إذا كنت تحمل هذا الإعتقاد فلا بأس ، اكمل القراءة وسأقوم إن شاء الله بتوضيح أهمية الإدارة المالية لك مع خطوات سهلة في نهاية المقال لتبدأ بإعطاء وزن لهذا المبدأ المهم جداً في معادلة النجاح في أسواق المال..
إشتراك الإدارة المالية مع التحليل الفني ( استيراتيجية الدخول والخروج ):
1- الإدارة المالية تحدد إن كانت الصفقة مناسبة للدخول او لا:
نعم هذا صحيح ، إدارتك المالية يجب ان يكون لها وزن كبير في تحديد إن كانت الصفقة الحالية تستحق العناء ام لا وليس فقط تحليلك الفني للسهم ، لنفترض بأنك شاهدت صعود للسعر بزخم قوي وسيطرة للمشترين بعد اختراق مستوى مقاومة بشمعة قوية ، التحليل الفني للسهم يخبرنا بأن الدخول مناسب ، ولكن لو قمنا بتطبيق الإدارة المالية للصفقة فسنجد أن أقرب مستوى مناسب ( كوقف خسارة ) هو ريالين مثلاً في السوق السعودي او 100 نقطة في الفوركس ، ثم قمت بحساب المستوى المستهدف للسهم فوجدت أنه 1.25 ريال وخمسة وعشرون هلله او 70 نقطة في الفوركس.
إذاً ، وكإدارة مالية لرأس المال ، يجب تجاهل هذه الصفقة وعدم مطاردة السعر لأن المستوى المستهدف أقل من وقف الخسارة ، وهذا معناه:
( الخسارة المحتملة من الصفقة < الربح المحتمل من الصفقة ).
ولذلك يتم تجاهل الصفقة والبحث عن غيرها ، الصفقة مناسبة جداً ( كتحليل فني ) ولكنها بعيدة جداً عن ( الإدارة المالية لرأس المال ).
2- الإدارة المالية بعد تحديد المستويات المستهدفة ووقف الخسارة لحجم العقد:
الآن وعلى غرار المثال السابق في النقطة رقم 1 ، لنفترض انك وجدت صفقة مناسبة كتحليل فني بوقف خسارة 100 نقطة او ريالين وبمستوى مستهدف محتمل قريب من 250 نقطة او خمسة ريالات ، هل يجب عند توفر هذه المعلومات ان نعتبر ان الصفقة مناسبة كإدارة مالية بعد؟ بالتأكيد لا.
الآن يجب تطبيق الإدارة المالية مع التحليل الفني ، سنقوم بحساب وقف الخسارة (100 نقطة او ريالين) ثم نقوم بحساب المبلغ القادر انت على تحمله في الصفقة (كريال سعودي او دولار امريكي) ثم تقوم بتحديد حجم العقد المناسب للدخول او عدد الاسهم المناسبة لذلك المبلغ.
مثال على ذلك: بناءاً على إدارتك المالية للصفقات وجدت ان اكثر مبلغ يمكنك تحمله هو 1,000 دولار امريكي للفوركس او 2,000 ريال للمتداولين في السوق السعودي ، عند هذا الحد سنقوم بحساب وقف الخسارة وسنجد المعادلة التالية:
في الفوركس:
اقصى مبلغ يمكنك خسارته للصفقة الواحدة هو 1,000 دولار امريكي:
(1,000 / 100 (عدد النقاط من نقطة الدخول لوقف الخسارة) = 10 دولار ( هذا معناه بأنك من المفترض عدم الدخول إلا بعقد يحمل 10 دولار للنقطة الواحدة).
في السوق السعودي:
اقصى مبلغ يمكنك خسارته للصفقة الواحدة هو 2,000 ريال:
(2,000 / 2 ( وقف الخسارة ريالين من نقطة الدخول لمنطقة الوقف) = 1,000 سهم ( هذا معناه بأنك يجب عليك شراء 1,000 سهم فقط حتى تتفق إدارتك المالية مع تحليلك الفني للسهم.
إشتراك الإدارة المالية مع نفسية المتداول (سيكلوجية المضارب):
1- انعدام فكرة التعلق في السهم او المضاربة بدون وقف خسارة:
تأكد تماماً بأن الحالة النفسية والذهنية لك كمضارب لن تكتمل بشكل واضح إذا ما كنت – حتى الآن – متعلق بأسهم خاسرة في السوق السعودي ، أو أنك تضارب بدون وقف خسارة في الفوركس. ولا اتحدث من هذا المبدأ بخصوص الإدارة المالية فقط ، وهي بأن تلتزم بواحدة من أهم قواعد المضاربة في اسواق المال وهي قم بالتقليل من خسائرك في الصفقة الواحدة ودع ارباحك مستمرة (مبدأ ركوب الترند حتى نهايته) ، ولكنني هنا اتحدث عن مفهوم اخطر من ذلك بكثير.
تعلقك بأحد الأسهم لفترة طويلة في السوق السعودي او المضاربة في الفوركس بدون وقف خسارة تعني شيئاً واحداً فقط ، وهو عدم تقبلك للخسائر بأي شكل كان ، الطريقة الوحيدة المضمونه لتقوم بإيقاف الخسائر بشكل كامل هي التوقف عن المضاربة في السوق (وإن كنت أرى بأن هذه خسارة اكبر بكثير من الإستمرار في السوق).
لا بد للمضارب أن يتحلى بالمرونة والسلاسة لتقبل الخسائر كجزء من اللعبة ، ولتقبل هذا لا بد من تأصيل فكرة وقف الخسارة وقبول الخسائر قبل تفعيل الصفقات ، الإدارة المالية للصفقات ليست شيئاً ثانوياً نقوم بها متى ما أردنا ، بل على العكس تماماً من ذلك ، الإدارة المالية يتم مراجعتها قبل وخلال وبعد تفعيل الصفقات..
وبدون استثناءات..
2- الإدارة المالية تعني اكتمال مفهوم الشركة في عقول الأفراد:
مالم تقم بالعمل والتحسين والتطوير المستمر على استيراتيجتك التي تشمل التحليل النفسي والتحليل الفني والإدارة المالية ، والعمل على ذلك بإستمرار ، فمعنى ذلك انك ما زلت مستمر بالتفكير في تجارتك كفرد وليس كشركة ، مازلت تفكر بالمضاربة في اسواق المال كهواية وليس كتخصص وعمل حقيقي ترغب من وراءه بإثراء وتحسين لأوضاعك المالية.
3- حجم رأس المال ليس بالمهم ، المهم تطبيق مبادئ الإدارة المالية:
يعتقد الكثير بأن المضاربة في السوق برأس مال لا يتعدى 50,000 ريال في السوق السعودي او 2,000 دولار في الفوركس لا تستوجب الحرص على التحليل النفسي والإدارة المالية ، بل هي فقط (طقطقة في السوق) واختبار لإستيراتيجيات الدخول والخروج فقط.
دعني اهمس في إذنك بهذا السر الصغير ، إذا لم تستطع تطبيق التحليل النفسي والإدارة المالية الجادة على حسابك الاستثماري الآن – مهما صغر حجم رأس المال – فتأكد بأنك ستفشل لاحقاً في تطبيق ذلك لو كان رأس المال بالملايين.
قم بإغتنام الفرصة وقم بتطبيق إدارة مالية صارمة من الآن مهما كان حجم رأس مالك ، لا تنتظر حتى تبدأ هذا التطبيق – يوماً ما – لأن هذا اليوم قد لا يأتي أبداً ، وتأكد بأنك مهما قمت من محاولات لتحسين تحليلك الفني فقط واستيراتيجيات الدخول والخروج فإن هذا العمل قد لا يكتمل أبداً بدون تعزيزه بإدارة مالية حقيقية ، المفتاح لتتذكر ذلك بإستمرار هو عندما تفكر بنفسك ككيان كامل ، كمجموعة عمل او كشركة حقيقية وليس كفرد همه قضاء بعض الوقت والمغامرة بالمضاربة في أسواق المال.
فعلا بدون ادارة مالية صارمة لايكن المتاجرة في اسواق المال بتاتا . الاشكالية دايما اختلاف الافراد علي نسبة المخاطرة لكل محفظة . ما يراه شخص ما 2% ممتازة ممكن شخص اخر يعتبره ليسة مناسبة
الله يجزيك الخير علي المقال المهم ,و تسلسل الفكرة في المقال ودعم الافكار بالاضافة لمسة من خبرتك الطويلة في اسواق المال.
مقال مهم ويستحق الاحتفاظ به
شكرا .
بالضبط وهذا ما احاول التأكيد عليه دائماً ، البعض يعتقد ان عنصر النجاح يقع فقط تحت مظلة التحليل النفسي ويغفل عن بقية المعادلة الصعبة وهي سيكلوجية المضارب وإدارته المالية للصفقات ، سعيد بمرورك وإثرائك للحوار
إذاً ، وكإدارة مالية لرأس المال ، يجب تجاهل هذه الصفقة وعدم مطاردة السعر لأن المستوى المستهدف أقل من وقف الخسارة ، وهذا معناه:
( الخسارة المحتملة من الصفقة الربح المحتمل من الصفقة ). وشكرا
أكبر من وليست أصغر من
شكرا استاذ فيصل … ماتقدمه سواء فى مقالات أو فيديوهات يعبر عن حالة من النضج والاتزان فى التعامل مع أسواق المال .. ماشاء الله.