لا أحد يستطيع التقليل أبداً من تأثير الخوف على قراراتنا اليومية في أسواق المال ، نحن كبشر عقولنا مبرمجة على الخوف التلقائي وذلك لحمايتنا من إهدار أموالنا وتعريض أنفسنا للمخاطر ، وبذلك يكون هذا الخوف سبباً لنا للبقاء ولحفظ أنفسنا وأموالنا من الهلاك.
إنسى كل شئ وإهرب وإنفذ بجلدك ، أو واجه مخاوفك وإرقى بنفسك عن الآخرين
نحن لا نعيش حياتنا لأننا نعيش مخاوفنا ، ليز براون
هذا الخوف مقبول ومبرر ومن لطف الله بنا ان زرع فينا هذا الخوف ، ولكن الخوف الذي سأتحدث عنه في هذا المقال هو الخوف الغير مبرر ، الخوف الزائد عن الحد والذي يسبب لنا الخسائر المتكررة حتى لو كنا محترفين في التحليل الفني ، ولأننا لن نستطيع على الإطلاق التداول دون وجود حد أدنى على الأقل من الخوف ، لذلك قمت بتطوير مجموعة آليات تساعدني على تقليل نسبة الخوف إلى الحد الأدنى المقبول به والذي أحاول بإستمرار تقليل هذا الخوف لمنعه من التأثير على قراراتي الإستثمارية ، وهي كالتالي:
أنا لا أخاف بشكل مبالغ به لأنني أعرف مسبقاً كم سأخسر في أي صفقة:
ما زلت حتى اليوم أشعر بالحيرة عندما يخبرني أحد المتداولين بأن خسارته في آخر صفقة فاقت توقعاته !! وبأن هذه الخسارة سببت له بتآكل في رأس ماله بما يزيد عن 30 بالمائة.
من المستحيل تقريباً لأي متداول أن يكون لديه القدرة للتحكم على عاطفة الخوف في الوقت الذي لا يملك التحكم الكافي على رأس ماله ، ومن المستحيل لأي متداول تقريباً من التحكم في مخاوفه إن كان لا يستطيع منع نفسه من خسارة نسبة بسيطة من رأس ماله في أي صفقة كانت.
أنا لا أخاف بشكل مبالغ به لأني أراجع صفقاني السابقة بإستمرار:
المتداول الذي يقوم بمراجعة صفقاته السابقة بشكل دوري ( شهري او ربع سنوي ) لديه قدرة اكبر للتحكم على مخاوفه لأنه يعمل بإستمرار على تصحيح أخطاؤه السابقة وعدم تكرارها في أسواق المال.
أنا لا أخاف بشكل مبالغ لأني أعلم بأنه لا توجد استيراتيجية رابحة %100 :
أتمنى بأنك تؤمن بهذا الشئ وتؤمن بأنه لا يوجد استيراتيجية رابحة %100 في أسواق المال ، إذا إقتنعت بهذا الأمر فهذا سيسهل عليك تقبل حقيقة أن أي صفقة قد تكون رابحة / خاسرة بنسبة 50- 50 ولذلك لا داعي للخوف عند تفعيل الصفقة.
أنا لا أخاف بشكل مبالغ لأنني استخدم وقف خسارة مناسب للصفقة:
عند إٍستخدامك لوقف خسارة فني وبشكل قمت بالتدرب عليه مسبقاً فهذا سيساعدك بشكل لا يصدق للتحكم بعنصر الخوف ، انت تعلم تماماً بأن السعر لو قام بضرب وقف الخسارة الذي اخترته انت مسبقاً بشكل صحيح فهذا معناه خروجك – بأقل الخسائر – من الصفقة بعد فشل النموذج الذي بنيت عليه سبب دخولك ، لذلك لن يكون هناك داعي للخوف عند تفعيل الصفقة.
أنا لا أخاف بشكل مبالغ لأني آخذ وقتي بالكامل قبل تفعيل الصفقة:
هذا يعتبر سبب مهم لعدم الشعور بالخوف ، ليس هناك من سبب لدخولك بصفقة جديدة إلا أنك انت قررت ذلك ، ولم يغصبك احد على ذلك ، لهذا لو قمت بمراجعة الصفقة عدة مرات وشعرت بالراحة لسبب دخولك – الذي تدربت عليه سابقاً بما فيه الكفاية – وتأكديت من إدارتك المالية للصفقة فلن يكون هناك سبب قوي للشعور بالخوف.
في اللقاء الذي أجراه مايكل دوغلاس مع المضارب المشهور مارتي سكتواتز في كتابه المشهور اساطير السوق ذكر مارتي معلومة مهمة جداً وهي انه وبعد مرور 25 عاماً في المضاربة في أسواق المال مازال يشعر في كل مرة يقوم بتفعيل صفقة جديدة بالخوف ، مارتي سكتواتز استطاع في مسابقات الولايات المتحدة للمضاربة بالأسواق أن يقوم بتحصيل ارباح فاقت ارباح المضاربين الآخرين مجتمعة. معنى هذا الكلام اننا كبشر غير قادرين فعلياً على المضاربة في الاسواق بدون وجود عنصر الخوف بالتأكيد ، ولكن لكي ننجح في هذه المهمة لا بد أن نخفف تحكم الخوف بمشاعرنا إلى الحد المقبول الذي لا يقوم معه بالتأثير بشكل قوي على قراراتنا الإستثمارية عند التداول.