هل قمت بسؤال نفسك يوماً من الايام لماذا مازلت تحاول التعلم قدر الإمكان في أسواق المال لاحتراف استيراتيجيات تداول مختلفة رغم ان هذا قد لا يكون من طبيعتك فعلاً؟ الأصعب من ذلك هو لماذا كلما تعلمنا اكثر وطبقنا اكثر على حركة السوق وتوقع اتجاهه كلما اصابنا هذا بالاحباط اكثر عند التداول! هل فكرت يوما في السبب في هذه المفارقة الصعب تفسيرها؟ أليس من المفترض ان يصبح التداول اكثر سهولة كلما تعلمنا التحليل الفني وطبقناه بشكل مكثف؟
نظرياً ، المفترض بنا كلما زدنا علماً بالتحليل الفني كلما زادت ثقتنا بأنفسنا واصبحنا قادرين على التغلب على السوق وتحقيق الأرباح ، ولكن الحقيقة بعيدة كل البعد عن ذلك ، وهناك اسباب عديدة لهذا الأمر اختصرها كما يلي:
1- المضارب يقوم بتحميل التحليل الفني اكثر من طاقته:
نعم ، قد تبدو لك هذه الجملة غير واضحة بعض الشئ ، ولكن التحليل الفني يساعدنا على توقع الحركات المستقبلية للسعر بناءاً على الحركة السابقة والحالية للسعر وذلك عن طريق وضع (احتمالات) فقط لهذه الحركة المستقبلية المتوقعة ، وليس عن طريق وضع (تأكيدات) على الحركة المستقبلية للسعر ، وليس اكثر من ذلك.
مازال البعض من المحللين الفنيين يقومون بتأكيد الحركة القادمة للسهم بناءاً على النموذج الحالي الظاهر على الشارت ، غير آخذين بالإعتبار بأن ما يقومون بقراءته حالياً يعتبر مجرد احتمال فقط ، وليس تأكيد ويقين على ما سيحدث لاحقاً ، والنتيجة غالباً ما تكون كارثية عندما يثق المحلل الفني بنفسه ويخاطر بمبالغ ضخمة يخسر معها نسبة كبيرة من حسابه وكبريائه وغروره.
2- التحليل الفني عبارة عن علم (افتراضيا) ، وانت بحاجة لمساندته بمهارات أخرى:
لنفترض بأن التحليل الفني علم قائم بحد ذاته ، هذا يعني بأنك تقع في مفارقة واضحة عندما تعتقد بأن مجرد زيادة رصيدك من هذا (العلم) فإنه بالتالي وبشكل آلي سيزيد من فعاليتك في مهارات أخرى كالتحكم بالخوف والتردد والقلق ، وهذا ايضا منافي للحقيقة والواقع ، هل لو كنت عالم كيميائي تقضي معظم وقتك في تجربة مواد كيميائية وخبير بشكل قوي في هذا المجال ، هل هذا الأمر يمكن ان يعطيك القوة لتقف امام الجمهور وتحدثهم عن موضوع يختص بالكيمياء ، بالطبع لن تستطيع ، لأن هذا الأمر يحتاج إلى مهارات أخرى لا علاقة لها بالكيمياء مثل دراسة فن الإلقاء والتحدث إلى الجمهور ولغة الجسد وغيرها كي تصبح قادراً على الحوار والإقناع.
في أسواق المال نصاب دائماً بالدهشة والحيرة عندما نرى أنفسنا نزيد من (علمنا) بالتحليل الفني ولكن بدون أن يزيد ذلك من ثقتنا بأنفسنا كي نقوم بتفعيل الصفقات التي تناسب استيراتيجيتنا ، وحتى عندما نتشجع ونقوم بتفعيل الصفقة نفشل في إدارتها والصبر عليها حتى تحقق اهدافها المتوقعة بسبب الخوف من عكس السعر ، لذلك يجب عليك معرفة التالي ، زيادة العلم بالشئ لا تعني زيادة ثقتك بنفسك لأداء هذا الأمر ، لأن ذلك يحتاج إلى مهارات خاصة كي تستطيع التحكم بعواطفك بشكل اكثر فاعلية.
3- الإختبارات على استيراتيجيات التحليل الفني نفسها تصيب المتداول بالحيرة:
إذا كنت من نوعية المضاربين الذي يعملون على تحسين أداؤهم بإستمرار – وهذا هو المطلوب بالطبع – فسوف تلاحظ على الدوام إختفاء فكرة الوصفة السحرية التي تربح دائماً من أي استيراتيجية معروفة في التحليل الفني ، معنى ذلك أن الاستيراتيجيات المناسبة للمضاربة قد تنجح في 40% أو 50% أو حتى 60% من الوقت فقط ، وعلى ضوء هذه الإحصاءات فبالتأكيد لا يكفي التحليل الفني بحد ذاته للمضارب كي يربح دائماً ، بل لا بد له من أن يسند هذا العلم بالإدارة المالية الصحيحة لرأس المال ، بتعلم حجم الصفقات المناسب لنوعيته من المضاربين والمناسب ايضا لرأس ماله ، وفوق كل ذلك من دراسة الحالة النفسية والذهنية للمتداول التي تمكنه من التداول بدون خوف او قلق.
تنبيه هام:
قد يعتقد بعض القراء أنني أهاجم التحليل الفني في هذا المقال وهذا غير صحيح ، انا محلل فني معتمد من الجمعية العالمية للتحليل الفني واعتمد بشكل كامل 100% على التحليل الفني في تفعيل وإدارة صفقاتي في السوق ، ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال ان تقتنع بأن فهمك للتحليل الفني كافي لك للتقدم اكثر في هذا السوق ، لأنك في هذه الحالة ستصبح محلل ناجح وليس مضارب ناجح والفارق بينهما شاسع ، ولمن يرغب بمراجعة مقالات سابقة قريبة من هذا المضمون فليعد إلى مقال سابق تحت هذا الرابط بإسم الفرق بين المحلل الفني والمضارب
مقال جميل جدا … بارك اللله فيك استاذ فيصل
thank you T/ Faisal
السلام عليكم اخي استاذ فيصل السوادي
بارك الله في جهودك
لدي مشكلة واحناج الى استشارتك ما السبيل للوصول اليك
لك تحياتي
فعلاً أنت مثال لمن دفع زكاة العلم بتعليمه للناس ونشره لوجه الله
شكراً لك أستاذ فيصل
تسلم اخوي عبدالله العفو ما سوينا شي