ربما من أسهل الأمور التي استطيع الحكم فيها – وبسرعة – على المضارب الذي يخسر نسبة كبيرة من محفظته الإستثمارية في أسواق المال بأنه لا يعي الفارق الضخم ما بين الإحتمال واليقين ، قد يبدوا هذا الأمر غير ذي اهمية كبرى لك ولكن بالتأكيد قبل ان تنتهي من قراءة هذا المقال ستلاحظ أهمية التمييز بين الاثنين وستلحظ الأهمية القصوى التي يشكلها هذا الأمر في تحديد نسبة نجاحنا في السوق ، وهذا بالطبع بغض النظر عن الخبرة التي تمتلكها سواءاً كمحلل فني او مالي ، إن عدم قدرتك – وتقبلك – لفكرة الإحتمالات في أسواق المال معناه بأنك لن تستطيع أبداً التحكم بمشاعرك وعواطفك عند تفعيل الصفقات ، وسيسبب لك هذا الأمر بالتأكيد صدمات متتالية الواحدة تلو الأخرى وربما بشكل يومي ، دعنا نتعرف على المعنى لهذين المبدأين أولاً ومن ثم سيتضح لك أهمية فهم هذا الأمر بشكل كامل.
اليقين
التأكد الكامل من النتيجة قبل ظهورها ، واليقين مبدأ ثابت في الأسس العلمية والرياضية ، نحن على تمام اليقين بناتج 3 + 3 وايضا نحن مالناتج الذي سنحصل عليه عند دمج الهيدروجين والاكسجين ، اليقين يعني بأننا سنحصل على نفس النتائج دائماً عند استخدام نفس المعادلة.
الإحتمال
الإحتمال هو أحد الخيارات المتاحة أمام تجربة او حادثة غير محسومة النتيجة ، وتعبر كلمة الإحتمال عن قيمة عددية تدل على مدى تكرارية هذا الخيار عند تطبيق هذه التجربة لمرات عديدة ، وبهذا نعطي الخيار الأكثر تكراراً نسبة اكبر للحدوث من الخيار الأقل حدوثاً (تعريف الإحتمال من ويكيبيديا)
قبل أن نحدد أي من هذه التعريفات يناسب المضاربة في أسواق المال اكثر ، دعنا نلقي نظرة على إحدى الرسوم البيانية أولاً:
الشارت أعلاه يوضح أن السعر عند الارقام من 1 إلى 4 تمثل مستويات دعم ، لو كانت المضاربة في اسواق المال ( أو التحليل الفني ) هي حالات يقين معروفة النتائج سلفاً ، الم يكن من المفترض في هذه الحالة أن السعر دائماً ما يرتد من مستويات الدعم وتكون النتيجة في حال الشراء عند مستوى دعم هي نجاح للصفقة لأن السعر سيرتفع بالتأكيد ، هذا بالطبع غير صحيح فهناك حالات ارتداد من مستوى دعم ولكن هناك ايضاً حالات كسر لمستوى الدعم ، وهناك ايضاً كسر كاذب لمستويات الدعم ثم حالات إرتداد ، وهكذا..
الشارت اعلاه نشاهد ان السعر عند النقطة 1 و 3 قام بإحترام مستوى المقاومة وكان يهبط عندما يصل السعر الى نفس المنطقة ، في الرقم 2 شاهدنا اختراق كاذب وإغلاق فوق مستوى المقاومة ومن ثم عودة للسعر تحت نفس المستوى ، النقطة 4 احترام للمقاومة في المرة الاولى ولكن في المرة الثانية كان الاختراق حقيقياً وصعد بها السعر للأعلى.
قد يبدوا هذا بديهياً عند الحديث عن إشارات الدخول والخروج بالإعتماد على التحليل الفني ، ولكن ما هي النسبة الحقيقية التي تقتنع انت بها عند الدخول في صفقة معينة ، وهل فعلاً تقوم بتطبيق مبدأ الإحتمالات قبل تفعيل الصفقة ، إن لم تكن تعرف الإجابة فحاول من خلال الأسئلة التالية لتعلم مقدار اقتناعك بموضوع اليقين والاحتمال في التحليل الفني ، وفي المضاربة في اسواق المال بشكل عام:
هل اصبت بصدمة في إحدى المرات بعد تفعيل أمر شراء او بيع بسبب إشارة قوية في السوق لتجد بعدها السعر يسير بالإتجاه الآخر؟
اذا كنت من المضاربين الذين يواجهون مشكلة في هذا الأمر فمعنى ذلك انك مازلت تعاني من فهم مبدأ اليقين والاحتمال ، لأنك لم تضع في حسبانك أن احتمال ذهاب السعر في الاتجاه الذي توقعته سابقاً لا يتعدى %50 ، لأنه مجرد احتمال فقط.
هل خسرت في صفقة واحدة اكثر من %10 من رأس مالك؟
اذا كان هذا الامر قد حدث معك مسبقاً فمعنى ذلك انك كنت في حالة يقين ان السعر سيسير في الاتجاه الذي توقعته مسبقاً ، وهذا بالطبع ينافي حالة الإحتمالات في السوق.
هل انت من المضاربين الذين لا يستخدمون أوامر وقف الخسارة؟
ربما هذه تعتبر الأهم على الإطلاق ، في حال عدم اقتناعك بأمر وقف الخسارة فمعنى ذلك انك على يقين بأن السعر سيسير في اتجاه واحد فقط بعد تفعيل الصفقة ، او الأسوأ من ذلك انك على يقين بأن السعر سيعود مرة أخرى لنقطة الصفر بعد تفعيل الصفقة.
هل تصاب بالضيق والحنق والحزن بعد خسارة صفقة ما؟
معنى ذلك بإختصار انك لا تؤمن بمبدأ الاحتمالات ، من الطبيعي الشعور بالحزن عند خسارة صفقة ما ، ولكن من الافضل لك مراجعة ادائك كما ذكرنا في هذا المقال بدلاً من التعجب من الخسارة ، لأن ذلك يفيد بأنك لا تؤمن بمبدأ الاحتمالات في اسواق المال.
هل تفكر بالإنتقام من السوق بزيادة قيمة العقد بعد الخسارة؟
هذه طبعاً تعني بأن تعرضك للخسارة هو نتيجة مؤامرة او انه ضربة حظ فقط ، وبأن خسارتك السابقة لن تتكرر وهذا ينافي مبدأ الاحتمالات.
كل الإستيراتيجيات المستخدمة في التحليل الفني لا تعمل طوال الوقت ، مهمتك هو قياس اكثر من أداة عند التحليل واستخدام الحالات التي تتكرر اكثر من غيرها ، وبعد ذلك تطبيق الإدارة المالية الصحيحة لأنك تعلم تمام المعرفة أنه ولو زادت الإشارات الفنية في السوق فإن هذه مجرد إحتمالات قد تعاكسها حركة السعر.
من الأمور التي استغربها بشكل شخصي عندما اجد احد المضاربين يتحدث عن المسيرة المستقبلية المتوقعة للسعر بصيغة التأكيد ، وقد شاهدت هذا الأمر يتكرر حتى مع مضاربين يملكون خبرة لا يستهان بها في السوق ، ما اخبر به المتدربين دائماً في اسواق المال بشكل متكرر بأنه كلما زاد يقينك من تحليلك الفني وعدم إقتناعك بأن ذلك عبارة عن إحتمال كلما زادت عليك الصدمة عندما يعاكسك السعر ويسير في إتجاه آخر.
شكرا لك على صدقك في الشرح …انا من المعجبين بطريقك في تداول
سعيد أخي خليفة ان المقال أعجبك وشكراً لك على الإطراء
كلما زاد يقينك من تحليلك الفني وعدم إقتناعك بأن ذلك عبارة عن إحتمال كلما زادت عليك الصدمة عندما يعاكسك السعر ويسير في إتجاه آخر.
تستحق التأمل
يعطيك العافية أستاذ فيصل