الثلاثاء , يونيو 6 2023

هل التدريب المستمر على تعلم التداول يضمن لك النجاح وتحقيق الأرباح؟

من اكثر الأمور التي تصيب المتداولين والمضاربين بالأسواق المالية بحالة من التثبيط وفقدان الحافز للتعليم والتدريب على الأدوات التي من الممكن لها أن تساعدهم على تحقيق الأرباح في الاسواق المالية كإحتراف التحليل الفني مثلا أو القراءة حول المشاكل النفسية التي تصيب المتداولين وطريقة تحسينها او حتى عن الإدارة المالية الصحيحة للمضاربين والمستثمرين هو عدم الإيمان بإمكانية تحقيق الأرباح – وبشكل مستمر – في حال قام المضارب بتخصيص وقت يومي غير منقطع للتدريب والتعليم.. تزداد هذه الحالة مع كل خسارة لصفقة جديدة او عندما يسير السعر عكس المتوقع.. وهذا ما يضع المتداولين في حيرة كبيرة ومفارقة يصعب معها شرحها للآخرين.. ناهيك عن إمكانية فهمها وشرحها لأنفسهم هم!

لذلك يزداد صدى وتكرار السؤال الأبدي في عقولنا كمتداولين بالأسواق المالية وهو هل من الممكن ان احقق اهدافي بتحقيق الأرباح اذا ازداد تدريبي وتعليمي؟ وهل يمكن ضمان ذلك؟ وإلى أي حد يجب علي أن أتدرب وأتعلم قبل أن استطيع تحقيق هذا الحلم؟ الإجابة على هذه الأسئلة ليس صعباً بل من اسهل بكثير مما تتخيل.. وهي كالتالي:

ليس من الممكن معرفة إن كنت ستحقق الأرباح في السوق حتى مع زيادة التعليم والتدريب.. ولا يستطيع احد معرفة متى ستحقق هذه الأرباح – هذا إن تحققت اصلا – ولا يمكن لأحد ضمان ذلك لك لأن كل هذا في علم الغيب.. بالرغم من أن هذه الإجابات ليست محفزة بشكل كبير ولكنها على الأقل صحيحة ومنطقية.. وإن كانت هذه الإجابات لم تعجبك بشكل كبير فإعلم أن المشكلة ليست في الإجابات نفسها بل في هذه الأسئلة – الغير مفيدة والغير منطقية – التي يقوم بطرحها المتداولين بشكل مستمر على أنفسهم او على الآخرين.

بعد أن قمت بالإعلان عن الدورة التدريبية الجديدة في شهر سبتمبر الماضي وردني العديد من الأسئلة والرسائل الإلكترونية من متداولين يرغبون بالتسجيل في الدورة ولكنهم يطلبون مني طلبات – تشبه الضمانات – بأنه بعد حضور هذه الدورة سيتمكنوا من تحقيق الأرباح.. بالرغم من أن تركيزي في هذه الدورة على أن يستطيع المتدرب تحقيق ارباح مستمرة ولكنني بالتأكيد لا استطيع – ولا أي شخص آخر – أن يضمن للآخرين النجاح مهما كان عنصر الحماس موجود عندهم.. هذا الأمر خاص بأمر مستقبلي والغيبيات لا يعلمها الا الله سبحانه وتعالى.. ليس من واجبك انت كمتداول ان تشغل تركيزك بالتفكير في امكانية النجاح والوصول بل في عمل ما هو مطلوب منك بدون ان تنتظر ضمانات على ذلك من أي أحد.. مطالبتك للآخرين بتأكيد إمكانية نجاحهم – قبل فعل العمل نفسه – يعني بأنك غير مستعد للإلتزام والتعلم بدون أن تضمن مردود على ذلك وهذا بحد ذاته يخالف السنن في هذا الكون.

نحن كبشر وعلى عكس ما يعتقد الآخرين مطالبين بالعمل والجد والإجتهاد والتطور بدون أن يكون هناك حتى بصيص أمل أو لمحة مستقبلية او حتى تحفيز من الآخرين على إمكانية وصولنا لأهدافنا في المستقبل.. نحن ندرس بدون ضمان النجاح في الامتحانات ، نعمل بدون ضمان الحصول على ترقية ، نتعلم التداول بدون ضمان ان تزداد صفقاتنا الرابحة وهكذا.. ومع ذلك يبدوا هذا الأمر مقبولاً جداً ومنطقياً بشكل لا يصدق.. السنن الكونية تنص على أن تقوم انت بعمل المطلوب منك وزيادة بدون ان تنتظر رد الجميل من المجتمع.. لا يعني محاولاتك للحصول على افضل وظيفة عمل بسبب تخرجك من الجامعة أمرا مقبولا وإلا فإن هذا يعني حق جميع المتخرجين لهذا العام للحصول على افضل عرض وظيفي.. لا يعني شراء سيارة جديدة وآمنة عدم إمكانية تعرضك لحادث مأساوي لا سمح الله.. وبالتأكيد لا يعني بأي حال من الأحوال إمكانية تحقيقك لأرباح مستمرة وعالية بسبب أنك مستمر في التعليم والتدريب على التداول.

الشخص المستسلم بالفعل سيقوم بقراءة هذه الأسطر ثم يخبر نفسه بأنه لا فائدة إذا من التعليم والتدريب واضاعة الوقت وبدلا من ذلك يمكنني الاستمرار بالتداول بما اعرفه من خبرات سابقة ، أو بمعنى آخر بأنه سيتوقف عن محاولة تطوير نفسه.. لو قمت بعمل مقارنة بين شخصين بنفسك الأول يتعلم ويتدرب ويراجع استيراتيجياته بشكل دوري والثاني يقوم بالمضاربة فقط بدون إزعاج نفسه بمحاولة تعلم أي شئ.. ستجد أن هذين الشخصين يشتركان في خاصية واحدة وبأنه لا يمكن لأحد تأكيد نجاح أي منهما في المستقبل لأن ذلك في علم الغيب.. ولكنهما يختلفان بالتأكيد في علم الإمكانيات والإحتمالات حيث يزداد نصيب المتداول الأول من تحقيق هدفه يوما بعد يوم أما الثاني فمحاولات نجاحه دائما ما تكون قريبة من الرقم صفر.. وهذا هو كل ما يهمك فعلا وليس معرفة إن كنت ستنجح في المستقبل أم لا.. حظك سيزداد للربح بشكل متوقع مع زيادة علمك وعملك.. لو افترضنا وجود شخصين تم الطلب منهما اطلاق النار على اهداف ظاهرة امامهم ، الأول أخطأ بإصابة الهدف عدة مرات ولكنه كان يقوم بزيادة تركيزه وتحسين اخطاؤه في كل مرة كان يخطئ فيها الهدف بينما الثاني توقف عن اطلاق النار لأنه أخطأ في اصابة الهدف في محاولاته الأولى.. بالرغم من عدم امكانية التأكيد على أن الأول – الذي يتعلم ويتحسن بإستمرار – قد يتمكن من إصابه هدفه بعد عدة محاولات إلا أن فرصة تحقيقه لذلك اكبر بكثير من الشخص الآخر الذي استسلم من داخله ورفض فكرة أنه قد يستطيع اصابة الهدف.. الشجاعة الحقيقية تأتي عندما نحاول عمل كل شئ لإنجاح أمر معين ونستمر في ذلك بدون وجود ضمان واحد على إمكانية تحقيقه.

كل ما يجب عليك عمله هو تحديد هدف واحد ( تحقيق الارباح بشكل مستمر ) ثم العمل على الخطوات التي تساعدك على ذلك بدون أن تضع هذا الهدف امام ناظريك طوال الوقت بعد أن تبرمج بشكل آلي داخل عقلك.. مع الإدراك بأن كل ما تفعله ليس شرطاً بأن تحقق هذا الهدف.. وعندها ستشعر بالسعادة عندما تجد نفسك مستمر وملتزم بأداء ما يجب عليك عمله بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى والدعاء بأن يوفقك لتحقيق هذا الهدف..

5 1 vote
Article Rating

عن فيصل السوادي

فيصل السوادي ، محلل فني معتمد CFTe وعضو بالجمعية العالمية للتحليل الفني IFTA Organization مدرب ومحاضر لاستيراتيجيات السلوك السعري و أقوم بتقديم العديد من الدورات التدريبية في التحليل الفني والإدارة المالية والحالة الذهنية والنفسية الصحيحة للتداول في أسواق المال.. للوصول الى كل نشاطات المدرب التدريبية قم بزيارة الرابط https://bettertrend.net/trainers/details/11

شاهد أيضاً

على من تقع المسؤولية عند خسارة مضارب أو تعلقه بصفقة جديدة في السوق؟

  في الفيديو الاخير تحدثت عن المسؤولية وقت التداول وكيف أن الإشارة باليد إلى الجميع …

Subscribe
نبّهني عن
guest

1 تعليق
الأكثر تصويتاً
الأحدث الأقدم
Inline Feedbacks
View all comments
ضاري الشمري
ضاري الشمري
4 سنوات

عالم الشارتات والتحليلات الفنيه اتوقع انه 50 % يصدق معاك بالجهد المستمر الصحيح و 50 % في علم الغيب. شكرا

قم بالإطلاع على نشرة الاسواق اليومية الجديدةعلى هذا الرابط
1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x