الكثير من المتداولين – وانا أعني بذلك اكثر من 80% من المتداولين – لا يستطيعون التحكم بعواطفهم اثناء التداول وبالذات في حال وجود صفقات مفتوحة تحمل ارباحاً أو خسائر عائمة يمكن تحويلها لأرباح حقيقية أو خسائر حقيقية في حال إغلاق الصفقة.. وهذا ما يسبب مشكلة عويصة للمتداولين ومفارقات لا تنتهي حتى بعد إغلاق الصفقة نفسها التي قد يكون منها الفرح العارم بتحقيق ارباح.. أو الندم على إغلاق الصفقة باكراً بعد التأكد من عدم وجود اشارات لإرتداد السعر.. أو بالحزن المطلق واليأس اذا قام بإغلاق صفقة خاسرة تسببت ربما بنزيف حاد لكشف الحساب.
لذلك يعمد الكثير من المتداولين إلى عدم البقاء أمام الشاشة بعد تفعيل الصفقة حتى لا تتلاعب به عواطفه وتجبره على اتخاذ قرارات غير عقلانية بسبب عدم اليقين من حركة السعر المستقبلية والخوف من المجهول.. وهذا يشبه الإبتعاد عن المحفز الذي يتلاعب بعواطفنا اثناء التداول.. وبالرغم من أن هذا الحل يعتبر حلاً جيداً حيث أن الإبتعاد عن مراقبة الشاشة بعد تفعيل الصفقات يحميك – نوعاً ما – من التصرف بتهور وبشكل متسرع في اتخاذ قرارات سريعة.. إلا أنه ليس بالضرورة الحل الأمثل لكي تصل إلى نوعية المضارب المحترف الذي يتحسن مستواه بعد كل صفقة جديدة بغض النظر عن نتائجها.. ولذلك في هذا المقال سنناقش بإختصار ايجابيات مراقبة الشاشة بعد تفعيل صفقة في السوق.. وانت وحدك بعد ذلك من يقرر إن كان في صالحك مراقبة صفقاتك المفتوحة أم لا..
إيجابيات مراقبة الصفقات المفتوحة:
القدرة السريعة على إتخاذ قرارات لحظية بناءاً على حركة السعر: انا متأكد بأنك قمت بتفعيل صفقتك الحالية بناءاً على إشارات فنية قمت بإختبارها بشكل مكثف في السابق.. تخيل معي أن الإشارة التي ظهرت على الشارت كانت كسر لمستوى دعم بعد وجود زخم سلبي سابق.. بناءاً على ذلك قمت بتفعيل صفقة بيع لأن الإِشارات الحالية تشير الى كسر حقيقي لمستوى الدعم واستمرارية للهبوط كما في الشكل التالي:
بسبب هذه الإشارات السلبية قمت بالبيع وقمت بإغلاق الشاشة خوفاً من أن تتدخل في مسار الصفقة.. ولكن بينما انت بعيد عن الأحداث الحالية قام السعر بعكس اتجاهه بشكل كامل كما في الشكل التالي واستمر لساعات متواصلة في صعود للأعلى وضاعت عليك ربما إغلاق صفقة البيع بعد اغلاقات مستمرة للسعر فوق مستوى الدعم السابق أو انك قد أضعت على نفسك فرصة الدخول في صفقة جديدة شرائية بعد أن أثبت السعر – وتوقعات المضاربين – بأن الكسر السابق لمستوى الدعم كان كسرا كاذباً وأن الإشارات الأقوى تشير إلى استمرارية للسعر بالصعود للأعلى.
هذا المثال البسيط والذي يتكرر معك بإستمرار يوضح بأن متابعة حركة السعر افضل من مجرد إغلاق الشاشة خوفاً من تدخل العواطف في مسيرة الصفقات المفتوحة.
الإستمرار في الخوف والتردد من الأحداث الحالية في السوق: لنفترض أنك لا تشعر بالراحة عند النوم في الظلام وهذا يجعلك دائماً تنام في غرفة مضيئة.. الوسيلة المناسبة دائما للقضاء على الخوف هي بمواجهته بشكل مباشر وليس بالتخفي والإبتعاد عنه.. انا انصحك وبشدة في المرة المقبلة ان تحتفظ بالشاشة مفتوحة وتقوم بمراقبة صفقتك المفتوحة سواءاً كان السعر يسير حسب المتوقع او عكسه.. وليس ذلك من سبيل التحدي والتعنت ولكن من باب مواجهة الأمور التي تشعرنا بعدم الراحة.. هذا الأمر سيجعلك تشعر بأنك مسؤول عن قراراتك ومستعد لمواجهة النتائج وليس فقط الخوف من نتائج قراراتنا.. وهذا بشكل متدرج سيساعدك على مواجهة أمور أخرى تشعر معها بالقلق او الخوف او التردد اثناء التداول.
كلمة أخيرة:
لا استطيع أن أحدد لك إن كان من الأفضل لك متابعة صفقاتك الحية او الإبتعاد عنها والعودة لاحقاً لملاحظة كيفية حركة السعر خلال تلك الفترة.. فكل متداول يختلف بشكل او بآخر عن المتداولين الآخرين في عواطفه وافكاره وتصرفاته.. البعض سيشعر بالراحة اكثر عندما يعود ليجد كيف تحرك السعر والآخرين يرغبون بمراقبة الحدث الحالي ليكونوا مستعدين بشكل افضل لتغيير استيراتيجياتهم بناءاً على الحركة الحالية للسعر.. أياً كان الأفضل لك فحاول من مرة لأخرى مراقبة ما يحدث وإن كانت الحركة الحالية تخالف اسباب دخولك فقم بتطبيق تفكير نقدي صحيح يجعلك تغير من صفقتك بالكامل ربما.. وهذا بالتأكيد افضل من الإختباء من الحركة الحالية للسعر ثم الإستعداد لمواجهة نتائج غير محمودة.. يكون عندها قد حدثت خسائر بليغة برأس المال ولكن بدون أن تستفيد من تخفيف حالة التردد والخوف المستمرة عند التداول..
وهذه هي المصيبة بحد ذاتها..