الأحد , مايو 28 2023

لو كان بإستطاعتك أن تصل الى المستوى الذي تحلم به ، ما هي نوعية المضارب التي ترغب بأن تصبح عليها؟

لنحاول أن نقوم بالتمرين التالي: لو أنك تملك الخيار ان تصبح –  وخلال سنة واحدة من الآن –  المضارب الذي تحلم بالوصول إليه ، ماذا سيكون ردك على هذا السؤال؟ هل ستكون إجابتك بأنك تحلم ان تصبح اكثر المضاربين شهرة في العالم ، او الاكثر ربحاً بينهم ، او ان تكون المضارب القادر على تحقيق 100% ربح على رأس المال بشكل شهري ، او 50% على الأقل ، أو أنك تحلم بأن تصبح المضارب الذي يقوم بمراقبة السوق لساعة واحدة فقط ويملك الوقت المتبقي لقضاءه مع عائلته واصدقائه ، او المضارب الذي يحقق الكثير من الأرباح ويحلم بأن يقوم بزيارة كل الدول والأماكن التي يحلم بها.

جميع هذه الإجابات صحيحة ومنطقية تماماً ، بل انه من المفترض بك كمضارب أن يكون لديك هدف تحلم به وتعمل من أجله ، وإلا فإنك ستكون كمن يسير بلا هدى ولا محطة يعلم عندها أنه قد وصل إلى مبتغاه ، ولكن ، وهنا تكمن المفارقة على هذه الأهداف التي تحلم بتحقيقها ، كل ما زاد تركيزك وتفكيرك بالهدف الذي تسعى اليه ، كل ما ابتعد هذا الهدف عنك واصبح تحقيقه شبه مستحيل.

أعلم بأن هذه المقولة قد تنافي ما تعتقده انت في خاطرك وعقلك حول تحقيق الأهداف ، ولكن بعد قرائتك لهذا المقال سيتضح لك كيف ان تفكيرك بالهدف الذي من أجله قمت بالمخاطرة والدخول في هذا السوق هو ما يجعل تحقيقك لهذا الهدف ضربا من الخيال ، سأقوم بإعطائك سيناريو واحد فقط وعليك انت ان تقيس على ذلك جميع الأهداف الأخرى التي تحلم بتحقيقها لتصبح الصورة واضحة اكثر.

السيناريو رقم 1:

لنفترض بأنك مضارب محافظ ولديك اهداف محددة وواضحة كما ينصح خبراء التنمية البشرية الذين يؤكدون بأن الأهداف الممكن تحقيقها هي التي تأتي تحت مظلة تسمى بـ SMART Goals ، هذه الكلمة تختصر خمس كلمات خاصة بوضع الاهداف وهي ان يكون الهدف محدد ، قابل للقياس ، قابل للتحقيق ، واقعي ومحدد بوقت معين ، وعلى ذلك قمت انت بوضع هدف لك وهو تحقيق 25% ارباح على رأس المال (محدد) (ويمكن قياسه وتحقيقه وواقعي) بشكل شهري (محدد بوقت معين) ، وبدأت فعلياً بوضع هذه الخطة مكتوبة بجانب جهازك الشخصي في المنزل ، وبدأت بقياس وتحديد صفقاتك على ضوء هذا الهدف ، وعندها فقط بدأ يتضح لك بأن تركيزك على هذا الهدف قد قذف بك على الجانب الآخر من تحقيق هذا الهدف.

لماذا حدث ذلك؟ ومالخطأ الذي قمت به وجعل تداولاتي أسوأ من قبل؟ وكنت اعمل بشكل افضل قبل تحديد هدف منطقي للعمل عليه! إذا مالذي حدث بالضبط؟ هذه هي وأسئلة أخرى مشابهه لها ستقوم بترديدها على نفسك وانت تشعر بالتعجب والاندهاش من الحال الذي وصلت اليه.

الإجابة على هذا السؤال يمكن تفسيرها بسبب الاهداف التي اخترتها لنفسك ، ولأنك قمت بتحديد هدفك بناءاً على نتائج فقط (تحقيق 25% شهريا ارباح على رأس المال) فبذلك قمت انت وبشكل غير واعي بوضع هذا الهدف نصب عينيك ، وبسبب ذلك تدهور أداء محفظتك الاستثمارية في السوق ، تخيل معي أداء محفظتك بداية الشهر لتفهم ما اقصده بذلك:

في البداية كانت محفظتك تحتوي على 100,000 دولار ، الصفقة الاولى انتهت بخسارة واصبح رصيدك 98,000 دولار ، الصفقة التي تلت هذه الصفقة انتهت بخسارة ايضا واصبح رصيدك قريب من 96,000 دولار ، ما سيقوم به عقلك اللاواعي الآن هو تذكيرك بإستمرار بالهدف الذي وضعته لنفسك وهو تحقيق 25% شهريا ، معنى ذلك انك اصبحت مطالب – بشكل غير واعي ايضاً – بتعويض خسارة الاربعة آلاف السابقة وبعد ذلك تحقيق النسبة المئوية التي وضعتها كهدف لك ، وهذا ما سيكون سبباً كافياً لك لتفعيل صفقات لم تكتمل اشارتها بعد ، او زيادة المخاطرة المالية لتعويض الخسارة وتحقيق الهدف ، او لتشتيت عقلك بما فيه الكفاية عن الصفقات التي يجب عليك التركيز عليها ، وبدلاً من ذلك التورط في صفقات لم يكن يجب عليك ابداً تفعيلها.

الأمر الآخر الذي لا يقل اهمية عن سابقه هو أن الأشخاص المدفوعين بطموح تحقيق الاهداف يعيشون في تعاسة مثيرة للشفقة ، عقلهم الواعي سيقومون بتذكيرهم باستمرار بأن السعادة سيحصلون عليها لاحقاً – عند تحقيق الهدف – وليس الآن لأن الهدف لم يتحقق بعد ، ولذلك – وبشكل غير واعي ايضا – سيشعر هذا الشخص بالتعاسة والبؤس عندما لا يستطيع تحقيق اهدافه ، لأن تحقيق الهدف اصبح يساوي السعادة بالنسبة اليه.

السيناريو رقم 2:

قمت بتحديد هدف واضح وهو اتباع استيراتيجيتك فقط وبإدارة مالية مناسبة ولكن بدون تحديد سقف للارباح والخسائر ، لا يهم كيف ينتهي الشهر فعليا بتحقيق ارباح او بخسارة او بنفس رأس المال السابق ، ما يهم هذا المتداول هو ان يقوم بإتباع استيراتيجية ونظامه التداولي بحذافيره بدون اضاعة الوقت والتفكير بالنتائج ، “الهدف” الذي وضعته في عقلك يتمحور حول اتباع نظامك واستيراتيجيتك بغض النظر عن النتائج.

كيف باعتقادك سيشعر المتداول الذي يركز على هذا الهدف (الأداء) ويتجاهل الاهداف الاخرى (نتائج الصفقات)، هذا المتداول سيشعر بالسعادة بشكل يومي عندما يقوم باتباع استيراتيجيته ، هذا المتداول سيقوم بالتقليل بشكل كبير جدا من التردد والخوف لأنه ملزم بتفعيل كل الصفقات التي تلائم اسلوبه الخاص ، هذا المتداول يفكر بالحاضر (تفعيل الصفقات واتباع الاستيراتيجية) ويتجاهل المستقبل المجهول (نتيجة الصفقة).

آخر الكلام

انا اعلم بأن العمل الشاق بأهداف خاطئة لا يختلف كثيرا عن العمل الشاق بدون وجود هدف حقيقي ، ولكن لا تقم بربط اهدافك بأمور خارجة عن إرادتك حتى لا تسبب لك التعاسة عندما تفشل في تحقيقها ، ولكي لا تقوم بتشيت عقلك عن الامور التي يجب عليك فعليا عملها حتى تحقق هذه الاهداف التي وضعتها مسبقا.

0 0 votes
Article Rating

عن فيصل السوادي

فيصل السوادي ، محلل فني معتمد CFTe وعضو بالجمعية العالمية للتحليل الفني IFTA Organization مدرب ومحاضر لاستيراتيجيات السلوك السعري و أقوم بتقديم العديد من الدورات التدريبية في التحليل الفني والإدارة المالية والحالة الذهنية والنفسية الصحيحة للتداول في أسواق المال.. للوصول الى كل نشاطات المدرب التدريبية قم بزيارة الرابط https://bettertrend.net/trainers/details/11

شاهد أيضاً

إبدأ بالتشكيك بكل ما تعرفه عن التحليل والتداول في أسواق المال

  اكتشفت مؤخراً بأن جميع ما أقوم به من خلال نشر هذه المقالات ومن خلال …

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
قم بالإطلاع على نشرة الاسواق اليومية الجديدةعلى هذا الرابط
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x