من قام بقراءة الكثير من مذكرات ويوميات المضاربين العالميين يجد بينهم رابط شبه مشترك وهو تفضيل البيع على الشراء ، أو كما يسمى بالشورت سيلنق Short Selling ، وهي أن تبدأ الصفقة ببيع عندما تعتقد بأن السعر قد وصل إلى ذروة الشراء Buying Climax او التشبع الشرائي Over bough أو بشكل مبسط عندما تعتقد بأن السعر قد وصل الى قمة محتملة وسيبدأ بعدها تصحيح للترند الصاعد السابق.
في هذه الحالة سوف تستفيد اكثر كلما هبط السعر للأسفل مثل التوضيح بالصورة أدناه (المتعاملين بالسوق السعودي يواجهون مشكلة في فهم هذه الطريقة)
والآن لنعد الى السؤال الذي عنونا به هذا المقال ، لماذا يشترك المضاربين العالميين بتفضيل البيع على الشراء ، لماذا كان يسمى المضارب الاسطوري جيسي ليفرمور بالدب الصغير (الدب عبارة عن البائعين) ، ولماذا لم يعرف جورج سورس الا بعمليات البيع وضغط الباوند الانجليزي مما عرض بنك انجلترا لمشكلة كبيرة في عام 92 ميلادية، او جيم كانوس الذي كان لا يعرف الا بالدخول بيع وهو من اوائل مدراء المحافظ ممن قاموا بالبيع على المكشوف على سهم انرون الشهير الذي هبط بشكل عنيف ، او جون بولسون الذي حصل على اكثر من 3 مليار دولار بالبيع على المكشوف في ازمة امريكا الإقتصادية المعروفة عام 2008. أو ديفيد اينهورن الذي باع في بنك ليمان برذرز قبل سقوطه المدوي.
السبب في ذلك بشكل مختصر أن هؤلاء المضاربين وغيرهم يعرفون تمام المعرفة أن كل المشاعر البشرية كالقلق والتوتر والسعادة والحزن والاضطراب والغضب وغيرها تعتبر صغيرة جداً عند مقارنتها بمشاعر الخوف والهلع. الطريقة التي تم بها تصميم عقولنا منذ الأزل تضع مبدأ البقاء والحياة في قمة المتطلبات الأخرى ، لذلك تجد الكثير من المضاربين يترددون في شراء سهم معين اذا اعطى اشارات تجميع ولكنهم لا يترددون لثانية واحدة في بيع اسهمهم اذا بدا وكأنه قد بدأ في مرحلة تصحيح عادية ، وهذا بحد ذاته كافٍ لإضافة زخم هائل وسرعة في وصول السعر للمستويات المستهدفة عند بدأ الصفقة ببيع بدلاً من التجميع وتوقع الصعود للسعر.
أو كما تقول الحكمة القديمة “البناء يحتاج لوقت اطول من الهدم” راجع الشارت التالي لترى بأن الباوند استغرق 333 اسبوعاً (من منتصف 2001 الى نهاية عام 2007) ليصعد بحدود 7,500 نقطة ثم يخسر كل ذلك في 65 اسبوعاً فقط.
هذا الشكل يتكرر بشكل كبير في الاسهم والسلع والعملات على مختلف الإطارات الزمنية المستخدمة ، ولأننا بطبعنا نعشق تحقيق الربح في وقت قصير اصبحنا نركز اكثر على عمليات البيع بدلاً من الشراء ، قرأت في اماكن كثيرة عن مضاربين يقومون بإغلاق صفقاتهم بأنفسهم ان لم تحقق الهدف في وقت قصير ، قد يعود ذلك الى بعض القوانين الخاصة ببعض المعاملات المالية كالاوبشنز مثلاً والتي يكون للعقود فيها وقت محدد يجب اغلاق الصفقة قبل ان يحل موعد التسوية الخاص بها ، ولكن بشكل اكبر نميل نحن للدخول في صفقات يليها زخم مباشر يحقق الهدف بسرعة ، وربما هذا ما ذكرناه اكثر في مقال سابق ان الاسعار لا تسير بخط مستقيم.
إذا كان بإستطاعتك في المستقبل تحديد نقطة دخول ممتازة لقمة في سهم او عملة وقمت بالبيع وصادف ذلك حضور زخم قوي وإغلاق لصفقات شرائية كثيرة من مضاربين آخرين ستعرف لماذا يعشق الكثير من المضاربين الآخرين عمليات البيع المسبق ، او كما تسمى البيع على المكشوف ، الأسوأ من ذلك طبعاً أن تكون احد المضاربين الذين تورطوا في عمليات شراء وتجميع في هبوط قوي ، او ممن يدخلون في الأماكن المعروفة بمصائد المشترين ، في هذه الحالة ستواجه حالتين قويتين من الزخم الهابط ، الأول المضاربين الذين دخلوا صفقات بيع للإستفادة من الهبوط القوي في السهم ، والأخرى من المضاربين الذين اضطروا لإغلاق صفقات شراء خاسرة اضافت الكثير من الزخم والوقود لمرحلة هبوط عمودية للسعر.
للحصول على معلومات اكثر عن مفهوم صفقات البيع Short Sell راجع المقال السابق مالمقصود بالبيع المسبق
شكراً جزيلاً
شكرا علي المقال
توصيف واقعي رائع لهلع العقل في الحفاظ على النفس