أعتقد بأن أي شخص يقرأ هذا المقال الآن قام بالإشتراك في دورات تدريبية خاصة بالتحليل الفني ولو على الأقل لدورة تدريبية واحدة في الماضي.. بالرغم من إختلاف الدورات التدريبية الموجودة والخاصة بالتحليل الفني مثل دورات الشموع اليابانية وموجات اليوت ودورات التحليل الكلاسيكي والهارمونك والبرايس اكشن أو الدورات الخاصة بالمضاربة بالأوبشنز والفيوتشرز وغيرها.. تبقى جميع هذه الدورات التدريبية متشابهه في أمر واحد بالنسبة للمتدرب وهو شعوره بالصدمة والحيرة والإرتباك بعد إنتهاء الدورة التدريبية والبدء في المضاربة بالأسواق المالية بعد فهمه لإستيراتيجية او اثنتين.. وهنا تبدأ المشكلة بالنسبة للمتدرب حيث يجد أن التطبيق الفعلي لما تعلمه في دورة التحليل الفني تختلف عن تلك التي رآها في الدورة التدريبية.. وهذا سيجعله يصاب بالتشويش والضياع لبعض الوقت قبل أن يبحث عن حضور دورة تدريبية جديدة وهكذا..
هل تسائلت يوما عن سبب حدوث هذا معك؟ ولماذا لا تسير الأمور كما يرام بالضبط مثلما حدث معك خلال مراجعة نماذج فنية خلال الدورة التدريبية مع المدرب؟ في الحقيقة يشترك كلاً من المدرب والمتدرب في حدوث هذه المعضلة.. ولنبدأ بالمدربين أولاً ثم نتحدث عن المتدربين:
مشكلة المدرب:
1- بعض المدربين لا يعرفون المادة التي يقدمونها:
نسبة لا بأس بها من المدربين لاستيراتيجيات التحليل الفني لا يعرفون بالضبط المادة التي يقدمونها بشكل عميق إلا بشكل بسيط واكاديمي مثل ان يعرف عدد موجات اليوت وطريقة ترقيمها ( نوعاً ما ) أو عن طريق حفظ بعض نماذج الشموع اليابانية أو الأشكال المعروفة للتحليل التوافقي ( الهارمونك ) وهكذا.. من مبدأ تطبيق المثل السائد أن فاقد الشئ لا يعطيه فنستطيع أن نعرف بأن الحيرة وقلة الثقة التي يشعر بها المدرب ستنتقل أولا الى المتدربين قبل أن يتعلموا بالفعل المنهج الذي دفعوا ثمناً لأجله.. وهذا بالتأكيد سيبب لهم حيرة وإرتباك بعد نهاية الدورة لأن ( المدرب ) غير قادر بشكل صحيح على الإجابة على اسئلة المتدربين حول هذه الإستيراتيجيات.
2- النسبة الخاسرة للمتداولين في أسواق المال تشمل المدربين ايضاً:
الكثير يتحدث عن نسبة كبيرة من المتداولين يخسرون بإستمرار في الأسواق المالية وأقل هذه النسب هي ثمانين بالمائة واكثرها تقول أن خمسة وتسعون بالمائة يخسرون بإستمرار.. المتدرب لا يعلم بأن هذه النسبة الكبيرة من الخاسرين تشمل المدربين ايضا الغير قادرين على تحقيق ارباح في السوق.. وهذا يدفعنا للتفكير بشكل آلي هو عن الطريقة التي سيستطيع معها المتدرب بعد إنهاء الدورة التدريبية في تحقيق ارباح حقيقية إذا كان معلمه غير قادر على ذلك أصلاً.. ولو أن هذا الأمر لا يعتبر قاعدة بالأساس.
3- ليس كل ما نعرفه ( يحقق ثروة ):
بعض المدربين يعلمون أن المادة العلمية التي يقدمونها تنفع اكثر كمقالات اكاديمية وليست مناسبة فعلياً للتداول بأسواق المال وهم أنفسهم غير مقتنعين بها – ربما بسبب خسائر سابقة – أو بسبب صعوبة تطبيق ذلك حرفياً على الشارتات المختلفة ، ولكنهم ولسبب أو لآخر يقومون بالترويج لدوراتهم التدريبية وشرحها للمتدربين وهم يعلمون أن هذه الشروحات النظرية والتطبيقات الغير عملية غير مناسبة لتحقيق الأرباح.. فتراهم يقومون بشرح الكثير من المؤشرات الفنية على سبيل المثال والتي لا يستخدمونها هم أنفسهم ولكن يساعدهم ذلك للترويج لدوراتهم التدريبية ولكسب عدد اكبر من المتدربين..
مشكلة المتدرب:
1- محاولة استخدام النماذج الفنية خلال الدورة بالضبط بعد نهاية الدورة:
ما أقصده بذلك هو أن المدرب عندما يقوم بشرح نموذج معين خلال الدورة فإنه سيستخدم اكثر نموذج مثالي وواضح لذلك ، على السبيل المثال عندما يقوم المدرب بشرح نموذج للشموع البالعة او الجنود الثلاثة وغيرها فهو بالتأكيد سيستخدم نماذج واضحة جدا حتى يسهل على المتدرب فهمها.. المشكلة التي سيعانيها المتدرب بعد ذلك هو بحثه اللاواعي عن نفس هذه النماذج بعد نهاية الدورة وعدم الإنتباه للإختلافات التي قد تحدث في الشكل بين كل نموذج وآخر..
2- محاولة تحقيق الأرباح ( على الفور ):
أنا اعلم بأن حضورك لدورات تدريبية هو بداعي تحقيق الارباح بعد نهاية الدورة التدريبية من خلال تداولاتك.. ولكن قبل أن تبدأ بذلك فعليا يجب عليك تجربة كل ما فهمته بالدورة وتطبيقه بشكل موسع وفسح المجال اما الخطأ والتجربة خلال التداول الفعلي قبل أن تصبح هذه الاستيراتيجية راسخة في عقلك وتستطيع تمييزها بسهولة على الشارتات المختلفة.. مايحدث للمتداول هو أنه يبدأ بالبحث على الفور عن صفقات مشابهه للنماذج التي شاهدها خلال الدورة التدريبية ويحاول الإستفادة منها على الأقل حتى يقوم بتعويض مادفعه ثمناَ لحضور هذه الدورة التدريبية.
3- العمل على الماضي وليس الحاضر:
مايقوم المدرب بشرحه لك خلال الدورة يكون دائماً على نماذج فنية حدثت في الماضي لذلك يستطيع المدرب أن يخبرك – وبكل سهولة – عن نقاط الدخول والمستوى المستهدف بدون أن يكون هو نفسه قد استفاد من هذا النماذج في الماضي.. بينما تبدوا هذه المعلومة بدائية وواضحة جدا إلا أن المتدربين يتجاهلون ذلك ويحاولون تطبيق ما شاهدوه خلال الدورة من حركة السعر في الماضي على ما يحدث الآن وما سيحدث في المستقبل.. بالتأكيد لن نشعر بالخوف والقلق ونحن نحاول شرح نماذج فنية وكيف تكونت وإلى أي حد سار السعر في الماضي لأنه انتهى بالفعل.. ولكن محاولة فعل ذلك الآن بدون أن تشعر بهذه الأمور يعتبر من رابع المستحيلات.
كيف يمكن إذا أن تستفيد من دورات تدريبية قادمة:
لا أجد من العدل بالنسبة لك أن تخسر في تداولاتك وفي نفس الوقت في الرسوم لحضور دورة تدريبية ايضا إلا إذا كنت قادراً على الإستفادة من هذه الدورات.. بالرغم من أن اكثر اللوم يقع بنسبة متقاربة على عاتق المتدرب والمدرب على حد سواء إلا أنه يجب عليك أن تكون واعيا ويقظا قبل الإلتحاق بدورات عشوائية لا تعلم عنها شيئاً.. وإليك بعض الخطوات التي بإمكانها مساعدتك في ذلك:
1- إقرأ كل شئ عن هذه الدورات التدريبية قبل التسجيل بها.. حاول أن تعرف بالضبط مالذي ستتعلمه في هذه الدورة قبل التسجيل فعليا كي تستطيع ان تحكم إن كانت تناسب حاجتك واستيراتيجياتك التي تعمل عليها
2- إقرأ وتواصل مع المدرب.. حاول ان تتواصل مع المدرب وتعرف إن كان فعليا قادراً على الإستفادة من هذه الاستيراتيجيات التي سيشرحها لك في حساباته الخاصة للتداول.. إن كان ممن يقومون بتقديم الدورات بدون المضاربة الفعلية في السوق فالأفضل عدم الإلتحاق بهذه الدورات أصلاً.
3- قم بمراجعة ما تعلمته والتطبيق عليه.. قم بمراجعة كل شئ تعلمته في الدورة بشكل صحيح قبل المضاربة الفعلية في السوق.. ومن ثم قم بتطبيق مبدأ الخطأ والمحاولة لتصحيح هذه الاستيراتيجيات والمعلومات التي تعلمتها.. لا تفكر بالأرباح الآن قبل احتراف ما تقوم به أولاً.
تسجيلك وحضورك لدورة تدريبية في التحليل الفني تعتبر خطوة واحدة فقط من 99 خطوة أخرى يجب عليك المرور عليها قبل وصولك لهدفك.. قم بإعتبار الدورة التدريبية مجرد مقدمة لعمل كثير يجب عليك أن تنجزه قبل التفكير بتحقيق ارباح مجزية.. المشكلة الحقيقية تكون في الفكرة السائدة لدى الكثير من المتدربين وهي أن الأرباح تبعد خطوة واحدة فقط بعد إتمام دورة تدريبية.. هذه الفكرة ستبعدك عن تحقيق هدفك وارباحك لسنوات طويلة قادمة ، التعليم عن طريق الآخرين (مثل حضور دورة تدريبية) يمكن أن يكفل لك دخل يكفيك لطعامك وشرابك.. الثروة الحقيقية تأتي من التعليم الذاتي الطويل..
وهذا ما يهم فعلاً..