لحسن الحظ ، هذا ما ستشعر به بالتأكيد عندما يتملكك الهوس باحتراف التداول في اسواق المال والتحليل الفني ، ستقضي ساعات طويلة بمفردك وانت تقوم بمراجعة استيراتيجياتك الخاصة وتطويرها وتحسينها الى الحد الذي ستصل معه لدرجة أن تبدأ بالتساؤل إن كان ما تقوم به أمر طبيعي ام لا ، سيتولد لديك شكوك بأنك اصبحت مختلف عن الآخرين بالساعات الطويلة التي تقضيها بمفردك مقابل جهاز الكمبيوتر وانت تحاول فك الشيفرة الخاصة بالنجاح في السوق ، وبالتالي قد تسمع بعض التعليقات التي قد تزعجك عندما يبدأ اصدقائك واهلك بأن ما تقوم به نوع من الجنون ، عندما ينتابهم الشك والريبة من الوحدة التي حكمت بها على نفسك بها لتتميز عن اقرانك بالتعلم والتدريب والمحاولة والتطور ، ولكن لا تقلق ، عندما يبدأ الآخرين بالشك في تصرفاتك بأنك اصبحت مجنونا او غريب الاطوار بجلوسلك لمفردك لساعات طويلة في محاولة جادة منك للتعلم ، عندما يجب ان تعلم بأنك تقوم بالضبط بما يجب عليك القيام به.
قم بنفسك بدراسة السيرة الذاتيه للأشخاص الذين حققوا نجاحات باهرة في مجالاتهم المختلفة كالتكنولوجيا والطب والهندسة “والتداول في اسواق المال” ستجد عدة خصائص مشتركة لهؤلاء الاشخاص وإحدى هذه الخصائص انهم مهووسون بشكل غير طبيعي بالمجال الذين يعملون به إلى الحد الذي يصفهم به اصدقائهم والاشخاص المقربين منهم بأنهم غريبوا الاطوار ووصلوا لحد الجنون.
يقول المضارب الناجح جداً بيل لوبسكتز “عندما يخبرك الآخرين أنك مجنون ، تأكد بأنك تسير على الطريق الصحيح” ، هذه الاقتباسة صحيحة بشكل كبير ، النجاح في أي مجال في المجال – ولا سيما التداول بأسواق المال – لن يصبح حقيقة واقعة لأي متداول يقوم بمحاولات خجولة بالتدرب فقط لمدة نصف ساعة في اليوم على زيادة احترافيته ومعلوماته حول التداول.
الاشخاص – القلة – الذين يرغبون بالتميز والاكتساح يعملون على تحقيق ذلك لفترة لا تقل عن ستة ساعات بشكل يومي دون كلل او ملل إلى الحد الذي يمكنك وبكل سهولة ان تقول بأنهم جاهزون للعمل في هذا المجال بشكل مجاني ، هؤلاء المهووسون بمجالاتهم المختلفة لكي يتميزوا بها يعلمون بأن مستوى نجاحهم وكفاؤتهم في المستقبل يعتمد بشكل طردي مع استعدادهم التام لتحمل المشقة والمصاعب ، وليس عن طريق التدرب الخجول لمدة بسيطة في اليوم لا تتجاوز الساعة الواحدة في افضل الاحوال.
هل تعرف احد من اصدقائك مغرم بمباريات كرة القدم ، بالأفلام والمسلسلات الامريكية ، بلعب الورق والسهر مع الاصدقاء لساعات متأخرة من الليل ، دعني أسألك هذا السؤال ، هل يجد هؤلاء الاشخاص صعوبة في ممارسة ما يعشقون ، بالتأكيد لا ، بل على العكس من ذلك هم مستعدون للتنازل عن الكثير من الأمور او لتأجيل العديد من المشاوير الهامة التي يجب عليهم تنفيذها لكي يقوموا بعمل ما يحبون ، الأمر نفسه مشابه لهؤلاء المهووسون بأسواق المال والتميز ، بسبب انهم يحملون عشق وهوس غير طبيعي لأسواق المال حيث اصبح التداول والتعلم والتدريب هو الأمر الطبيعي لهؤلاء المتداولين ، وتنفيذ بقية الأمور الأخرى غير مهم بالنسبة لهم. والآن إسأل نفسك بشكل جاد: أيهما تفضل اكثر؟ ان يضيع يومك بالكامل في نشاطات تافهه لا طائل منها كالتلفاز والمقاهي ووسائل التواصل الاجتماعي ولكنك ستكون بين اصدقائك شخص طبيعي او ان تقوم بالتعلم والقراءة والتدريب بمفردك في المنزل لتحقيق اهدافك ولكن مجتمعك سيعتبرك غريب الاطوار ومتوحد ، ومجنون إلى حد ما 🙂
المتداولين الذي يرغبون بالاحتراف والتميز تصبح مراقبتهم للسوق ودراستهم لحركة الاسعار تشعرهم بالنشوة اكثر من مشاهدة التلفاز ، مراجعتهم لحركة الشموع وكيفية تطور الزخم في الاسعار يشعرهم بالسعادة اكثر من قضاء الوقت مع الاصدقاء في احاديث اجتماعية لا طائل منها ، التركيز الكامل منهم اصبح يصب بشكل دقيق على تطوير انفسهم في التحليل والتداول والمضاربة بالسوق بدون ان يقوم الروتين اليومي الغيرمهم بتشتيت انتباههم وتركيزهم.
من اكثر الامور التي تعلمتها عند دراسة هؤلاء المميزون بأن التوازن أمر غير مرغوب وغير مطلوب لكي تتميز عن الآخرين ، كيف يمكنك ان تتميز في مجال ما وانت تعيش حياتك بتوازن كئيب لا يختلف عن الآخرين ، كيف يمكنك ان تحترف هذا السوق وتربح منه وتتعلم اسراره وانت غير مستعد لإعطائه الوقت الكافي لفهمه وتجربته وتعلم خفاياه.
مختصر الكلام
لن اقوم بالإطالة عليك اكثر من ذلك ، ولكن تأكد بأنك تسير في الطريق الصحيح اذا لاحظت ان اهلك واصدقائك بدأوا يشعرون بالقلق من تصرفاتك ومحاولاتك الجادة للتعلم والتطور ، والمبدع في مجال ما لا بد له من أن يستغرقه العمل الذي يقوم به الى الحد الذي ينسى فيه الوقت وينغمس في عمله ورسالته بكل عواطفه وجوارحه ، وكلما اصبحت لا تكترث بما يقوله الناس عنك كلما اصبحت اكثر ثقة وراحة فيما تفعله لكي تحترف العمل الذي تقوم به ، مجرد اختلافك عن الآخرين في استثمار وقتك بما ينفعك يعتبر أمر ايجابي للغاية ، يقول مارك توين ” عندما تجد نفسك في نفس الكفة التي يوجد بها اغلبية الناس فذلك هو الوقت الذي يجب فيه ان تتوقف للحظة وتفكر في مستقبلك بشكل جاد” ، لذلك تذكر دائماً بأن الافضل لك هو ان تسير في طريق لا يوجد به الا انت ولكن بإتجاه الهدف بدلاً من ان تسير في الطريق المزدحم بالناس والذي يسير في الاتجاه الخاطئ.
مقالة مهمة ومميزة استاذ فيصل , بارك الله فيك وبارك في علمك ومجهودك الرائع