الإثنين , يونيو 5 2023

عدم منطقية حركة الأسعار لا تعني عدم منطقية إتخاذ القرار

عدم منطقية حركة الأسعار لا تعني عدم منطقية إتخاذ القرار.. تحدثت في الكثير من مقالاتي السابقة على أن حركة السعر لا تحكمها ضوابط علمية يمكن معها قياس أو تحديد الإتجاه القادم بشكل حاسم.. قد تهبط الأسعار لمدة زمنية طويلة ولمستويات متدنية بشكل واضح ثم تظهر بعض الأشكال والمؤشرات الإيجابية التي توحي بحدوث إنعكاس إيجابي للسعر لنتفاجأ بعدها أن السعر استمر بالهبوط ولم يعكس مساره.. قد نلاحظ تكون كسر أو إختراق كاذب لمستويات دعم ومقاومة على الشارت ونعتقد بعدها بأن السعر قد يسير في الإتجاه المعاكس للكسر والاختراق والكاذب ثم نشاهد السعر وقد خالف اغلب التوقعات واستمر في اتجاه الكسر والاختراق الكاذب السابق وهكذا.

ولكن.. وبالرغم من عدم منطقية حركة الأسعار عادة فإن هذا يجب أن لا يمنعنا نحن كمضاربين في هذا السوق من الإندفاع بدون تأني وإتخاذ قرارات منطقية ايضاً.. لو حاولنا إن نضع الأمور في سياقها الصحيح فإن أغلب المضاربين يعتقدون أن حركة السعر غير منطقية عندما يبدأ السعر بالتحرك عكس اتجاه صفقاتهم الحالية ولكن سندع هذا المحور حالياً للحديث عنه في مناسبة أخرى.. ما نريد التأكيد عليه في هذا المقال هو كيف تسير أحياناً قراراتنا الغير منطقية والغير مدروسة جنباً إلى جنب مع ما نقوم بتفسيره من حركة السعر بأنها غير منطقية ايضاً.

المنطقية في حركة السعر:

الكثير من المحللين الفنيين والمضاربين في هذا السوق يعلمون بأن حركة السعر تحكمها قوى العرض والطلب ولكن للأسف لا يفقهون حقيقة تفسير العرض والطلب الذي يؤدي بدوره إلى تفسيراتهم الشخصية بأن حركة السعر الحالي تعتبر غير منطقية.. وهذا بحد ذاته ينافي فهمنا الصحيح لمبادئ العرض والطلب.. هذا القوى التي تتحكم في حركة السعر والتي تتمثل في عروض البائعين وطلبات المشترين تقوم بتحريك السعر وهذا معروف.. الغير معروف للكثير هو أن التغيير في قوى العرض والطلب يحدث بشكل مستمر وفي كل ثانية حتى.. وما تعتقده انت بأنه غير منطقي عندما يهبط السعر يكون في نفس الوقت مصدر سعادة ونشوة عارمة لمضارب آخر قام بالبيع لأنه يتوقع – ويتمنى ايضاً – أن يستمر السعر بالهبوط.. في الكثير من الأوقات يكون هناك مضارب أول يعتقد بأن السعر سيصعد لا محالة ويقوم بالشراء ومضارب ثاني يعتقد بأن السعر سيهبط بشكل مؤكد ويقوم بالبيع.. المضارب الذي سيظن بأن السعر يسير بشكل غير منطقي هو المضارب الذي تحرك السعر عكس توقعاته وبدأت محفظته بتسجيل خسارة حالية لهذه الصفقة.. قم بمتابعة صفحة عروض الأسعار على أي موقع الكتروني وستلاحظ هذا الأمر على الفور.

 

العروض والطلبات في تغير مستمر

 

ولأن هذه العروض والطلبات يقف خلفها مضاربين آخرين أو بشكل عام بشر فإن هذه العروض المستمرة تحكمها رغبات وتفسيرات شخصية لتوقعات حركة السعر القادمة.. وهذا الأمر يبقى غامض حتى على أعتى المحللين الفنيين والأساسيين ايضاً.. حركة السعر دائماً تعتبر منطقية عندما نقوم بمقارنتها بتوقعات المضاربين الآخرين الذين يقومون بتفسير هذه التحركات والتحركات القادمة المتوقعة للسعر بناءاً على تحليلاتهم لهذه التحركات السعرية.

عدم منطقية إتخاذ القرار

دعنا نبدأ من البداية حتى تصبح الصورة واضحة.. نحن نقوم بتفسير حركة السعر الحالية لتوقع الحركة المستقبلية.. عندما نشعر بظهور إشارة واعدة على حركة السعر نقوم عندها بتفعيل صفقة شراء او بيع حسب توقعنا السابق.. عدم المنطقية قد يحدث احياناً عندما يسير السعر عكس المتوقع وتبدأ المحفظة بعرض اسعار باللون الأحمر مما يعني تسجيل خسارة عائمة على حساب المحفظة.. هذا الأمر كفيل بإبعادنا على الفور عن خططنا المكتوبة واستيراتيجياتنا التي تعهدنا سابقاً بالإلتزام بها.. على سبيل المثال ووقت كتابة هذا المقال يوجد لدي العديد من الصفقات الخاسرة (العائمة) في حساب المحفظة وهذا يعني بأن العقل لن يتوقف عن دفعنا بشكل مباشر لتخطي هذه المشكلة.. وظيفة العقل بإختصار هي حل المشاكل ورؤية اللون الأحمر على حساب المحفظة يشكل بالتأكيد مشكلة تستحق الأولوية القصوى لحلها.. ولهذا ستلاحظ عقلك وهو يحثك على إغلاق بعض الصفقات أو إضافة صفقات أخرى بدافع التبريد والتعزيز أو فتح صفقات معاكسة حتى بدون أن تظهر إشارات واضحة يمكن الإعتماد عليها.. وهذا بالكامل يكون نتيجة لتفسيرنا الخاطئ احياناً بعدم منطقية حركة السعر والتي – من وجهة نظرنا على الأقل – يمكن حلها بإتخاذ قرارات غير منطقية ايضاً.

الخاتمة:

ربما تكون قد سمعت في السابق هذه العبارة الطريفة من احد اصدقائك عندما يقول لك ” لا تفكر لأنك لما تفكر تخرب الدنيا “.. لعل هذا بالضبط هو افضل شئ يمكنك عمله في بيئة مماثلة.. عندما تبدأ بالإعتقاد بأن التذبذب اصبح عالي جداً في السوق وحركة الأسعار مغايرة لما كنت تتوقعه سابقاً.. فإنني أجد أنه من الأفضل التوقف عن التفكير وعدم عمل أي شئ بدلاً من الإندفاع والتدخل السريع لحل هذه المشكلة.. وهذا الحل ليس مقصوراً فقط على المضاربة في السوق بل في كل شئ تقريباً.. الرجل الحكيم لا يتخذ قراراته بشكل متسرع وقت حدوث الأزمة بل ينتظر حتى تهدأ العاصفة.. عدم الإتزان في إتخاذ قرار صحيح مع هذه الحركات السريعة للأسعار سيقوم من زيادة هذه الأخطاء وتدهور رصيد الحساب وزيادة الخسائر العائمة في المحفظة.. المتداول الواعي والغير الواعي يشتركون في أنهم يواجهون نفس الإزعاج من العقل لحل هذه المشكلة الحالية عند ظهور صفقات خاسرة على الحساب نتيجة حركات الأسعار المستمرة ولكن ما يميز المتداول الواعي عن غيره أنه يقوم بملاحظة هذه الأفكار في عقله ويقرر عدم حل هذه المشكلة بزيادة صفقاته بشكل غير منطقي.. أو على الأقل عدم القيام بأي شئ حتى تهدأ حركة السعر ليتمكن بعدها من التفكير بشكل هادئ..

أي من هؤلاء المتداولين ترغب بأن تكون؟

وهل مازلت فعلاً تعتقد بأن حركة السعر تسير بشكل غير منطقي أو غير مفهوم؟

بالنسبة لي من الأفضل عدم القيام بأي شئ أو على الأقل العودة للتمرين الذي ذكرته سابقاً بإسم تمرين الخمس دقائق قبل أن أقوم بتوريط نفسي في صفقات جديدة متعجلة بسبب تذبذب السعر الحالي.. وهذا سيساعدني على الأقل من عدم معالجة الخطأ بخطأ اكبر..

وكارثي..

0 0 votes
Article Rating

عن فيصل السوادي

فيصل السوادي ، محلل فني معتمد CFTe وعضو بالجمعية العالمية للتحليل الفني IFTA Organization مدرب ومحاضر لاستيراتيجيات السلوك السعري و أقوم بتقديم العديد من الدورات التدريبية في التحليل الفني والإدارة المالية والحالة الذهنية والنفسية الصحيحة للتداول في أسواق المال.. للوصول الى كل نشاطات المدرب التدريبية قم بزيارة الرابط https://bettertrend.net/trainers/details/11

شاهد أيضاً

على من تقع المسؤولية عند خسارة مضارب أو تعلقه بصفقة جديدة في السوق؟

  في الفيديو الاخير تحدثت عن المسؤولية وقت التداول وكيف أن الإشارة باليد إلى الجميع …

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
قم بالإطلاع على نشرة الاسواق اليومية الجديدةعلى هذا الرابط
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x