هل تشعر بالضيق والملل عندما تراقب الشارت لفترة طويلة وتشعر بأن السعر لم يتحرك من مكانه؟ او عندما تجد أن السعر يتحرك بشكل افقي في نطاق محدود بدون ظهور اشارة شراء او بيع واضحة؟ وهل تعلم مدى خطورة شعورك بالضجر عندما تراقب الشارت وتشعر بأن السوق مغلق بسبب عدم وجود حركة واضحة على السعر؟ الشعور بالملل عند المتداولين أمر طبيعي يشعر به المتداول الناجح والخاسر على حد سواء ولن يمكنك تفاديه بشكل مباشر.. الخطورة تكمن عندما يتسبب الملل في استنزاف محفظتك المالية – وتصفيرها – بسبب رغبتك في اضافة بعض الإثارة التي تفتقدها عندما يتحرك السعر بشكل بطئ.. اليك بعض الفوارق التي تميز المضارب الناجح والخاسر عند شعورهم بالملل من حركة السعر الضعيفة ولماذا يجب عليك تبني موقف مخالف لما تتعاطى به عند التداول وبالذات عند شعورك بالملل.
1- اكثر من 80% من حركة السوق لا تعطي اشارات شراء وبيع:
ان كنت تملك استيراتيجية واضحة تقوم على اثرها بتفعيل صفقاتك في السوق فقم بتجربة التالي.. افتح الشارت امامك وحاول ان تقوم برسم الاماكن السابقة التي كانت مناسبة للدخول في صفقات بناءاً على استيراتيجيتك.. لو قمت بفعل ذلك فستجد أن 80% واكثر من الوقت السعر يتحرك بشكل عشوائي او بشكل لا يتناسب مع استيراتيجيتك لتفعيل صفقات.. وهذا بحد ذاته قد يصيب المتداولين بالملل من هذه الحركات السعرية وسيقومون بتفعيل انصاف وارباع الإشارات وبعدها سيتفاجئ بأن السعر بدأ يتحرك في اتجاه مخالف لصفقته الذي قام بتفعيلها.. كل ذلك بسبب انه بدأ يشعر بالضجر من عدم تحرك السعر بشكل واضح.
2- نحن نبحث عن الأرباح وليس عن الإثارة:
لنكن واقعيين بعض الشئ.. دخولنا في السوق هو بسبب تحقيق ارباح مجزية عن الوقت الذي نقضيه بالتعلم والبحث والتقصي ومتابعة صفقاتنا المفتوحة وادارتها الخ.. وهذا العمل سيكون بالتأكيد ممل ولكن لا بأس بذلك.. لذلك يجب على المتداول ان لا يخلط العمل الجاد واقصد بذلك التداول بشكل حيادي وفعال مع أمور أخرى اكثر اثارة كزيادة عدد الصفقات بدون وجود سبب واضح او المخاطرة بأموال اكثر من اللازم وبشكل لا يتناسب مع ادارتك المالية للصفقات.. بالنسبة لي انا شخصياً كنت اتمنى لو ان السوق اكثر اثارة واكثر ربحية ولكنه ليس كذلك.. لذلك لا بأس من الشعور ببعض الملل ان كان هذا هو المطلوب لتحقيق عوائد مالية.
3- الاثارة معناها التذبذب العنيف في الاسعار:
اذا كنت تبحث عن الاثارة في الاسواق المالية فأنت بالتأكيد تقصد التذبذب العنيف للأسعار لأن هذا ما يجلب الاثارة ويطرد الملل اثناء التداول.. ولكن التذبذب الحاد للأسعار يعني وبكل بساطة خسارة للكثير من الأموال من المتداولين بسب ضرب وقف الخسارة المتكرر خصوصاً في ظل وجود احداث وبيانات اقتصادية هامة.
4- نحن نهتم بالمستويات الفنية وليس بالمستويات الزمنية:
يبدوا ان الأسواق المالية اصبحت مليئة بحقبة جديدة من المحللين الفنيين – الخارقين – الذين لا يستطيعون فقط تحديد مستويات مستهدفة للسعر ولكن ايضاً يقومون بتحديد المدة الزمنية التي سيستغرقها السعر للوصول للمستوى المستهدف! اما بعض المتداولين الآخرين فيقومون بإغلاق صفقاتهم قبل وصولها للمستويات المستهدفة المتوقعة اذا لم تصل لذاك المستوى خلال دقائق قليلة من تفعيل الصفقة.. هذه العلامات تدل على أن هؤلاء المتداولين لا يستطيعون الصبر على صفقاتهم ويشعرون بالملل بشكل سريع عندما يقومون بتفعيل صفقة في السوق بدون ان يتحرك السعر على الفور بالسير كما توقعوا مسبقاً.. وهذا مؤشر واضح بأن هؤلاء المتداولين يحتاج لعمل كثير حتى يستطيعوا تحقيق اهدافهم في التداول.. بالنسبة لنا – كمحللين فنيين اقصد – يجب ان نهتم فقط اذا كان السعر يسير كما توقعنا او لا وليس عن الوقت الذي سيستغرقه السعر لتحقيق الهدف.. الصبر يعتبر الإشارة الأقوى عند المتداول الناجح الذي يستطيع ان يتأقلم مع حركات السعر العشوائية بعد تفعيلهم لصفقات حية في السوق.
كيف يتعامل المتداول الناجح مع الملل من حركات السعر البطيئة في السوق؟
المتداول الناجح يشعر بنفس الملل الذي يشعر به المتداولين الآخرين ولكنه يعلم بأن هذا هو وضع السوق الطبيعي.. يعرف تمام المعرفة بأنه ليس في وظيفة ومطالب يومياً بفتح صفقات في السوق.. قد يستطيع ان يصبر ويقوم بتفعيل ثلاث او اربع صفقات شهرية ويحقق منها عائد مجزي يصل لعشرة بالمائة.. وهو ايضاً يعلم بأن الإثارة يستطيع الحصول عليها خارج السوق وليس داخله.. ويعرف ايضاً بأن الأسعار لا تسير في خط مستقيم وبأن الصفقة قد تستغرق وقت طويل حتى تحقق هدفها.. اذكر انني قرأت في كتب جاك شواغر عن المضارب الإسطوري جيم روجرز بأن صفقاته كانت تستغرق سنتين على الأقل حتى تحقق اهدافها ولكن لا اعني بأنك مطالب بالعمل على اطارات زمنية طويلة ولكن يجب عليك ان تصبر حتى تظهر الاشارات التي تعتمدها لتفعيل صفقاتك والأهم من ذلك ان تصبر على صفقتك حتى تحقق هدفها.
الأمر الآخر المهم الذي يصيب المتداول الخاسر بالملل وربما بالتوتر ايضاً انه يعتقد بأنه يجب عليه البقاء مقابل الشارت بعد تفعيل الصفقة وهذا أمر خاطئ تماماً.. بإستطاعتك تفعيل الصفقة والانتهاء من تحليل السوق ثم اكمال يومك بشكل عادي جداً.. بقاؤك مقابل الشارت سيزيد من حدة توترك وخوفك وربما يدفعك ذلك لإغلاق الصفقة بدون ظهور اشارة على السعر تستوجب ذلك.
في الختام.. ابحث عن الاثارة في الأمور التي لا تسبب لك خسائر مادية فادحة وقم بالترحيب بالملل في انتظار ظهور اشارات تناسب استيراتيجيتك لتفعيل صفقاتك والانتظار عليها لتحقيق اهدافها اذا كنت ترغب بتحقيق احلامك في الأسواق المالية.
شكرا لك أستاذ فيصل. مقال ممتاز وبالفعل الممل شيء ضروري للربح.