بدون أن اعرض عليك أية مقدمات لهذا المقال دعني اسألك السؤال التالي: هل حددت لنفسك موعد نهائي ستقوم بعده بإعتزال التداول واغلاق محفظتك الاستثمارية والخروج من السوق؟ هذا السؤال الذي تعتقده غريباً ولم تفكر به مسبقاً اصبحت انظر اليه انا بشكل طريف عندما القيه على احد المتدربين او الاشخاص الذين يقومون بالاتصال بي لسؤالي عن بعض المسائل الفنية او المالية في السوق.. على سبيل المثال.. في الآونة الاخيرة اصبحت اتلقى رسائل بريدية كثيرة واتصالات من اشخاص – اعرفهم ولا اعرفهم – يطلبون مني مساعدتهم في فهم لماذا تم حرق – ومرجنة – حساباتهم الاستثمارية في فترة تقل عن اسبوع.. ولماذا بخسارة واحدة او اثنتين اصبح الرصيد قريب من الصفر.. وبأنهم لن يستطيعوا التداول مرة أخرى حتى يقوموا بتغذية الحساب مرة أخرى بتمويل جديد ليصبح لديهم هامش يمكنهم من المضاربة من جديد.. وعندما اعطيهم السبب وراء هذه الخسائر ( الكارثية ) بكلمتين اجد منهم قبول واعتراف بالخطأ.. في وجهة نظري المتواضعة ان سبب هذا التصفير للحساب هو الصفقة الاخيرة..
قبل ان اشرح لك مالذي اقصده بالصفقة الاخيرة.. ارغب منك ان تجيب بنفسك على السؤال الذي طرحته في الأعلى وهو هل حددت لنفسك موعد نهائي ستقوم بعده بإعتزال التداول واغلاق محفظتك الاستثمارية والخروج من السوق؟ إذا كانت الإجابة بلا فلماذا تقوم بالتعامل مع كل صفقة جديدة لك على انها الصفقة الاخيرة..
لنفترض على سبيل المثال بأن حسابك الاستثماري في 50,000 ريال ( للسوق المحلي ) أو 10,000 دولار ( لسوق العملات او السوق الامريكي ).. ولنفترض ايضاً بأنك اليوم كنت موفقاً جداً في التداول وحققت الصفقة التي قمت بتنفيذها 100% من رأس المال الذي استخدمته في هذه الصفقة ، السؤال الآن.. هل سيكفيك هذا الربح الجديد المساوي لرأس مالك السابق ان تعتزل السوق وتصيب الثراء الفاحش وتصبح في غنى عن العمل ليوم آخر بسبب وفرة الاموال التي اصبحت تمتلكها الآن !! هل ستصبح قادراً على تحقيق احلامك والسفر حول العالم وشراء المنزل الذي تحلم به !! إذا كان هذا المبلغ الجديد يعتبر عادي جداً وسيتم صرفه في فترة وجيزة لو قمت بسحبه من محفظتك.. فلماذا اصبح المتداول يعيش ويموت فعلياً من اجل نتيجة صفقة واحدة فقط ؟ ولماذا يقوم المتداول بتعريض حسابه للمخاطرة الفعلية من اجل مبلغ لن يساعده بالتأكيد على تحقيق احلامه؟ هذا التهور يقف خلفه الاسباب التالية:
1- الإعتقاد الخاطئ بمعرفة نتيجة الصفقة عند تنفيذها:
لو قررت في احد الايام أن اشتري سهم او عملة معينة بسبب ظهور 1,000 دليل يدعم صعود هذا السهم او العملة فلن اتوقع نجاح الصفقة بأكثر من 50% ؟ هذا الإعتقاد ليس سببه التشاؤم كما يعتقد البعض ولكن السبب المنطقي لهذا النوع من التفكير هو أن هذه الاسباب والأدلة الألف التي تدعم نظرتي لحركة السهم بأنه سيصعد لا محالة يبقى في النهاية رأيي الشخصي فقط وليس بالضرورة الحقيقة التي ستحدث.. بالإضافة لذلك وفي نفس اللحظة التي اعتقد فيها بأن كل المؤشرات التي امامي تشير الى صعود متوقع للسعر قد يكون هناك مليون مضارب آخر يرى بأن السعر هابط لا محالة ويقوم بالبيع؟ اذا اردت التأكد من ذلك فقم بالتشاور مع بعض المضاربين بوجهة نظرك المستقبلية لحركة سعر سهم ما وانظر كيف سيحاول الآخرين بإقناعك بعكس ما تتوقعه انت حسب نظرتهم هم.. وهذا ما يحدث فعلياً بشكل يومي ومتكرر في السوق.. قد ترى مجموعة من المضاربين حركة متوقعة لسهم ما بالصعود وتأتي مجموعة اخرى تؤمن بشكل كامل بالهبوط ويخالفون وجهة نظرك.. وبالتالي اذا زاد طرف عن الآخر تحرك السعر لصالحه.
لذلك من السذاجة حقيقة ان تعتقد – وبشكل جازم – كيف سيتحرك السعر بعد اتخاذك لقرار شراء او بيع.. أو الإعتقاد بمعرفة نتيجة الصفقة – والمخاطرة بنسبة كبيرة من رأس المال – بناءاً على ذلك..
2- الإنتقام من السوق:
من اكثر العبارات التي نسمعها طرافة وغرابة في نفس الوقت هي العبارة التالية ( الإنتقام من السوق ) ، فعلياً لا احد قادر على ان ينتقم من السوق.. لأن السوق نفسه مكان لإلتقاء المشترين والبائعين والاتفاق على سعر محدد ووقت محدد لتسليم سلعة او خدمة معينة نظير مقابل مادي عادة.. لذلك السوق ليس كائن يمكنك معاقبته وتوبيخه.. أو الإنتقام منه ، ما يحدث منك عند خسارة صفقة معينة هو الانتقام من نفسك بخسارة المزيد من المال.. وليس الانتقام من السوق ، لذلك حاول في المرة القادمة عندما تفكر بالحياد عن استيراتيجيتك التي تنص على خسارة 2% فقط من رأس مالك وتفكر بزيادة ذلك الى 5 او 10% لتعويض الصفقات التي خسرتها مسبقاً..اريدك ان تسأل نفسك السؤال التالي.. هل انا انتقم من السوق ام من نفسي؟ لأنه على حسب اعتقادي لن يمكنك الانتقام من السوق وتأديبه بسبب خسارتك الشخصية.
3- التوقعات المستقبلية:
لا شئ يؤلم عادة اكثر من التوقعات التي لا نستطيع تحقيقها.. رفع سقف التوقعات بتحقيق عائد مادي خلال يوم ، اسبوع او شهر يسبب اضطراب نفسي لدى المتداول وتجعله لا يتقبل خسائره ويحاول بشتى الطرق تفعيل انصاف الفرص لتحقيق توقعاته واهدافه السابقة مما يسبب له المزيد والمزيد من الخسائر.. من الافضل العمل بدون توقعات حسب ما يراه المضارب من فرص يومية بدلاً من وضع توقعات يتفاجئ بعدها بعدم تحقيقها.. وبالتالي يحاول بشكل خاطئ إصلاح هذا الأمر الذي سيسبب له اضرار اكثر من قبل.
قم ببذل المزيد من الجهد في المستقبل على عدم العمل والمضاربة في السوق بلغة اضرب ضربتك الكبيرة وحقق حلمك.. تذكر بأنه من الصعب جداً تحقيق ثروة خيالية بصفقة واحدة خصوصاً برأس مال صغير.. بدلاً من ذلك تذكر دائما بأن هذه رحلة لا نهاية لها ، ماراثون طويل وليس سباق للعدو السريع.. تحقيق ربح 2% الى 3% يعتبر ممتاز جداً جداً اذا كانت خسارتك في كل صفقة لا تتجاوز 1%. وتوقف حقيقة عن اعتبار اي صفقة حالية على انها ( الصفقة الاخيرة ).
السلام استاذ فيصل كيف حالك ماشا الله عالمقالات الرائعه والله اانا مريت بكل التجارب دي بالظبط كان حضرتك تتكلم عني تماما واحييك واشجعك علي كتابه المزيد ولي طلب خاص بعد اذنك انا عايز اتعمق في دراسه الشموع والنماذج الفنيه الاستمراريه والعاكسه ياريت تعطيني مصدر او تنزل شرح مفصل اكتر هنا وشكرا جزيلا استاذي ومعلمي .
وعليكم السلام ورحمة الله.. شكرا لك على هذا الإطراء وإن شاء الله عندما اتمكن من الانتهاء من العوائق الفنية التي لدي الآن سأقوم بتقديم دورة تدريبية خاصة جدا تتحدث عن سيكلوجية المضاربة في الاسواق والادارة المالية الصحيحة ونختمها بالتحليل الفني.
لاضمان لأي توقع لأن السوق يفعل مايريد وأي شئ يمكن أن يحصل والإنتقام من السوق كقتال دون كيشوت لطواحين الهواء ولأن أدخل الصفقة وأنا عارف وضامن الخسارة ومحدد مقدارها خير من أحلام الثراء لأن القدر سيحسم النتيجة أولا وأخيرا.