في هذا المقال سأقوم بتسليط الضوء على أهم ما جاء في اللقاءات التي قام بعقدها المحلل المعروف جاك شواجر مع اساطير السوق في التسعينات الميلادية والتي على أثرها قام بتأليف عدة كتب متتالية في لقاءاته مع هؤلاء المضاربين ومدراء الصناديق الإستثمارية ، سأحاول قدر الإمكان إختصار التعليق على كل نقطة تم ذكرها خلال هذه اللقاءات والتركيز بدلاً من ذلك على ما يفيد القارئ الكريم لهذه الزاوية ، وذلك عن طريق ذكر أهم هذه المبادئ والتعليق عليها بشكل سهل وسلس إن شاء الله كي تعم الفائدة ، ولأن القائمة تطول فسأقوم بتجزئ هذه المبادئ والملاحظات على عدة مقالات متتابعة.
ملاحظة: الفكرة من هذه السلسة الخاصة بهذا المقال هي اخذ العبرة والنصائح من هؤلاء المضاربين الذين استطاعوا تحقيق اهدافهم والاعتماد على التداول في اسواق المال كمصدر ربح ، وليس فقط للإعجاب بما تم انجازه من جهتم ، تذكر دائماً بأنه لو استطاع شخص غيرك ان يحقق هدفه في مجال ما فإنه من المفترض انك انت ايضاً يمكنك ذلك ، بالطبع اذا قمت بفعل ما يلزم عن طريق التعليم والتطبيق والممارسة المستمرة ، الأمر الآخر هو ان هذه المقالات احياناً ما تقوم بتوليد فكرة سلبية عند القراء وذلك عندما يقوم القارئ بمقارنة نفسه مع هؤلاء ويعتقد بأنهم استطاعوا تحقيق هذه الانجازات لأنهم عباقرة او لأنهم ولدوا ليصبحوا عظماء ، هذا النوع من التفكير السلبي – المنتشر بشدة للأسف – هو نتيجة لنوع العقلية الذهنية التي يحملها بعض المتداولين ، والذين يعتقدون بشكل خاطئ بأنهم قدرتهم الذهنية وذكاؤهم لا يرتقي لذكاء المضاربين الآخرين ، وهذا بالضبط ما تحدثته عنه في مقال سابق تحت عنوان التفكير الثابت والتفكير النامي المزدهر ، اترككم الآن مع بعض اهم النقاط الخاصة بهذه اللقاءات…
الفكرة رقم واحد: لا يوجد استيراتيجية واحدة فقط تمكنك من تحقيق حلمك في السوق
جاك شواغر لاحظ خلال لقاءاته مع هؤلاء المضاربين عدم وجود استيراتيجية مشتركة للدخول في السوق وتحديد المستويات المستهدفة ووقف الخسارة لكل صفقة ، بل على العكس من ذلك كان الملاحظ خلال هذه اللقاءات الاختلاف الكبير بين هؤلاء المضاربين في طريقة تحليلهم للسوق والمدارس التي يتبناها كلاً منهم ، على سبيل المثال وجد جاك شواغر بأن المحلل المعروف جيم روجرز يقوم بتحديد نقاط دخوله بناءاً على تحليله الاساسي للسهم وكان على النقيض من ذلك المضارب المعروف مارتي شواتز محلل فني صرف يحقق عائد 25% شهرياً وبشكل مستمر ، كانت من ضمن التعليقات التي اوردها جيم روجرز خلال لقائه مع جاك شواغر سخريته المستمرة بأن المحللين الفنيين لن يكونوا قادرين على تحقيق ارباح في اسواق المال ، وعلى النقيض من ذلك كان مارتي شواتز خلال اللقاء يقول بأنه قضى 9 سنوات يحلل السوق بشكل اساسي ولم يحقق أي ارباح وعندما اصبح يحلل السوق بشكل فني اصبح يحقق الارباح وبشكل مستمر.
التعليق على هذه الفكرة:
انا من اشد المؤمنين بهذه الفكرة ودائماً ما اقوم بذكرها خلال الدورات التي اعقدها والخاصة بالبرايس اكشن ، في البداية اقوم بشرح هذه الفكرة واخبار المتدربين بأن البرايس اكشن ليس افضل من اليوت ، واليوت ليس افضل من الهارمونك ، والهارمونك ليس افضل من التحليل الكلاسيكي وهكذا إلا اذا قمت بإحتراف مدرسة واحدة في التحليل الفني وتطويرها ، بالنسبة لي اعتبر المتخصص في مدرسة واحدة ولمدة طويلة افضل بكثير ممن درس كل هذه المدارس المختلفة في التحليل الفني والمالي بدون أن يتخصص في واحدة فقط.
الكثير من المضاربين في اسواق المال يقومون بحضور دورة تدريبية في التحليل الكلاسيكي على سبيل المثال ، ثم بعد فترة وجيزة يقوم بحضور دورة اخرى في الهارمونك ، وبعدها في اليوت وهكذا بدون ان يتخصص في واحدة منهم ولمدة كافية من الوقت ، ولذلك قد يقضى المضارب فترة طويلة في السوق بدون ايجاد استيراتيجية واحدة خاصة به ، وهنا مكمن الخلل.
لا اخشى من ان اتعارك مع شخص تدرب على عشرة الآف حركة مختلفة لمرة واحدة فقط ، بل اخشى ان اتعارك مع شخص تدرب على حركة واحدة فقط لعشرة الآف مرة “بروس لي”
الفكرة رقم اثنين: قم بتبني الاستيراتيجية التي تناسب طريقة عملك وتفكيرك انت
لاحظ جاك شواغر بأن هؤلاء المضاربين مرتاحين جداً مع الطريقة التي يستخدمونها لتحليل السوق وتحديد نقاط الدخول والوقف والمستويات المستهدفة ، بل واكثر من ذلك يقومون برفض الاستماع الى شخص يحاول ان يشرح استيراتيجيته الخاصة للتداول كي لا تشوش على افكارهم وطريقة عملهم ، وصلوا لمرحلة متقدمة من الاقتناع بأن مايقومون به يناسبهم تماماً ويشعرون في نفس الوقت بأنهم غير مرتاحين لغيرها.
التعليق على هذه الفكرة:
هل مازلت تقوم بالبحث عن النماذج والاشكال الكلاسيكية في السوق حتى مع انك ترتاح اكثر لإستخدام المؤشرات الفنية المختلفة ، هل ما زلت تقوم بمحاولات عبثية لعد الموجات الدافعة والتصحيحية الخاصة بموجات اليوت والتي تشعر بأنك بعيد جداً عن هذا النوع من التحليل ، هل تقوم بمحاولة تعريف انواع الشموع اليابانية دائماً حتى ولو كنت من المضاربين الذين يرتاحون لتحليل السوق ككتلة واحدة وليس شمعة بشمعة.
إذاً دعنى اسألك هذا السؤال وحاول انت الاجابة عليه ، مالذي يجبرك على الاستمرار في مدرسة خاصة بالتحليل لا تناسبك ولا تعجبك ؟ لماذا لا تقوم بإستخدام التحليل والمضاربة التي ترتاح اليها انت ، وليس المدرسة التي يرتاح اليها زملاؤك واصدقائك..
الفكرة رقم ثلاثة: لا بد ان يكون لديك ميزة اضافية في السوق تمكنك من الربح
هؤلاء المضاربين الذين استطاعوا تحقيق حلمهم لديهم ميزة مكنتهم من الربح في النهاية ، هذه الميزة تعتبر معادلة رياضية خاصة بكل متداول على حدى ، والجميع يعرف نسبة نجاحه في السوق على المدى الطويل ، على سبيل المثال بعضهم يعلم بأن فرص نجاح صفقاته تمثل 63% من مجمل الصفقات ككل مع نسبة ربح تصل الى 1.75 مقابل كل صفقة خاسرة ، هذه المعادلات الرياضية تتم مراجعتها شهرياً وفي نهاية كل ربع سنة وفي نهاية السنة ايضاً ، بعض المتداولين اليوم (واقصد ببعض المتداولين الكثير منهم) لا يعلم عدد الصفقات التي قام بتنفيذها خلال عام 2016 ميلادية ، ولا عدد الصفقات التي نفذها في شهر ابريل الماضي ، ولا عدد الصفقات الناجحة ولا نسبة التراجع او الصعود في رأس المال وهكذا ، لذلك هو غير قادر على تحديد مشاكله بشكل صحيح ، وبشكل رياضي ايضاً.
التعليق على هذه الفكرة:
هل تعلم بأن المقامر الذي يذهب الى صالات القمار للمضاربة على الروليت الروسي على سبيل المثال لا يملك اي ميزة تمكنه من الربح لأنه يعتمد على الحظ فقط ، ولذلك هو بالتأكيد سيخسر في النهاية ، في الجهة المقابلة صالة القمار (الكازينو) لديها ميزة تمكنها من الربح وهي بأنها تعتمد على فرصة رياضية تعتبر 20 من 38 فرصة بينما المقامر الذي يراهن بأمواله يعتمد على 18 من 38 فرصة ، لذلك الكازينو لديه ميزة للربح 52% بينما المقامر لديه فرصة 47% كي يربح ، ولذلك وبسبب الفارق الضئيل بين الاثنين (مجموع 5% لصالح الكازينو) يقوم الكازينو بتحقيق مئات الملايين سنوياً بينما يخسر المقامر الذيه ليس لديه فرص واعدة للربح على المدى الطويل.
سأقوم بإذن الله بتلخيص افكار لاحقة من هذه الكتب الرائعة في مقالات اخرى قادمة..