مايك تايسون يعتبر احد اساطير الملاكمة والذين تربعوا على هرم هذه الرياضة لفترة طويلة.. الإقتباس الذي عنونا به هذا المقال يعتبر من أشهر الإقتباسات عن مايك تايسون بكل تأكيد.. ماكان يقصده وبشكل واضح أن الملاكم قد يقضي ساعات طويلة في قاعة التدريب وهو يتجهز للنزال القادم ويضع خطة معينة عن طريقة الدفاع والهجوم التي سينتهجها مقابل خصمه ولكن كل هذا قد يذهب أدراج الرياح بعد أن يستقبل أول لكمة على وجهه فيتغير كل شئ ويتناسى تدريبه وخطته السابقة ويبدأ في مرحلة تخبط واضحة قد يخسر معها هذا النزال الذي تدرب من أجله لوقت طويل..
هل يبدوا ما ذكرناه في هذه المقدمة مألوفاً لديك في ساحة التداول.. كم من مرة قمت بالإستعداد والتخطيط وإختيار المكان المناسب لتفعيل صفقة معينة ومع أول حركة مفاجئة لتوقعاتك بدأت في مرحلة تخبط وتناسيت كل شئ يخص استيراتيجيتك في التحليل الفني أو القواعد الصارمة التي كنت تنتهجها والخاصة بالإدارة المالية.. كثيرة هي المرات التي نقوم فيها بالإلتزام بقاعدة مالية تنص على عدم المخاطرة بأكثر من 1% أو 2% من رأس المال ولكن بعد خسارة صفقة واحدة نبدأ في تفعيل صفقات بمخاطرة اكبر وذلك في محاولة لتعويض الخسارة السابقة.. أو نلتزم بتفعيل صفقات عند وصولها لمستوى معين ولكن نبدأ في مطاردة السعر وتناسي الخطة الرئيسية خوفاً من ضياع الصفقة بدون المشاركة بها.. الأمثلة كثيرة على ذلك ولعلنا جميعا ما زلنا نعاني من هذه المشكلة في تداولاتنا اليومية.. اصبحنا نخطط لتداولاتنا ولكن نتداول بشكل لا ينتمي أبدا للخطة المفترض العمل بها.. لهذه المشكلة الشائعة عند الجميع تقريبا اسباب رئيسية نذكر بعضا منها في هذا المقال..
أسباب عدم الإلتزام بالخطة:
1- عنصر المفاجأة:
بسبب عنصر المفاجأة الغير متوقع بالنسبة للمتداول في حركة السعر يقوم المضارب على الفور بتناسي كل شئ تم التخطيط له مسبقاً والضرب به عرض الحائط بعد أن يتحرك السعر في تذبذب مفاجئ أو بشكل غير متوقع مسبقاً.. في الحقيقة إذا كنت ما تزال ترى بعض تحركات السعر ( غير منطقية وغير طبيعية ) فأنت بالتأكيد مازلت لم تفهم على وجه الخصوص أن كل شئ ممكن وأي شئ قد يحدث في حركة السعر.. حركة السعر لا يمكن اعتبارها مفاجئة او غير منطقية إلا عندما يتحرك السعر عكس توقعات وامنيات المتداول نفسه.. وهذا بحد ذاته لا يجعل حركة السعر مفاجئة للمضارب الواعي المتفهم لكل الاحتمالات الممكنة.. في مقال سابق بإسم اختلاف التداول عن احلامنا تحدثت عن خيبة الأمل التي تصيب المتداول عندما لا يتحرك السعر كما ينبغي.. ومعنى كما ينبغي أي كما قام المتداول بتوقع حركة السعر قبل تفعيل الصفقة.. وللأمانة فإن جميع التخطيطات والتوقعات للمتداولين لا علاقة لها بشكل مباشر بالطريقة التي يجب على السعر أن يتحرك بها.. وعنصر المفاجأة يكون في عقل وتفكير المتداول المبتدئ فقط.
2- الرغبة في تحقيق الأرباح:
لا يمكن بأي حال أن نتكهن بسبب تفعيل صفقة معينة إلا بسبب الرغبة في تحقيق ربح من هذه الصفقة.. التعلق الزائد عن الحد في الرغبة بتحقيق الارباح يضع المتداول في مهب الرياح عند أول حركة غير متوقعة او حتى عندما يتحرك السعر بشكل جانبي فقط.. نحن بالطبع نرغب بتحقيق أرباح من وراء هذه الصفقات ولكن التفكير فقط في الربح والخسارة سيبعدك ذهنيا عن ملاحظة حركة السعر وبالتالي سيبعدك بشكل تلقائي عن خططك واستيراتيجياتك التي تلتزم بها.. وهذا بالتأكيد خطة مناسبة جدا للفشل في تحقيق ارباح في اسواق المال.
3- عدم الفهم الكامل لمعنى الأسواق المالية:
لن أشعر بالخجل أو التحفظ من إخبارك بهذه المعلومة.. نسبة لا تقل ربما عن 95% من المتداولين بالأسواق المالية لا يفهمون بشكل حقيقي معنى حركة الأسعار في الأسواق المالية أو السيكلوجية الصحيحة للتداول في هذا السوق.. من أول أساسيات هذا السوق والتداول به هو أن كل السيناريوهات لحركة الأسعار ممكنة ولا يوجد شئ اسمه مستحيل او غير ممكن.. من الممكن ان يستمر السعر بالصعود ويخالف كل توقعاتك وخططك في الإرتداد ومن الممكن ايضاً أن يستمر في مسار جانبي بين مستوى دعم ومقاومة واضح اكثر مما تعتقده أنت.. عندما تتداول بمفهوم أن المنطق ينص ان السعر يجب ان يصعد لأنه حدث كذا أو يهبط لأن الإشارة تقول كذا وكذا وتتداول بناءا على ذلك فمعنى هذا أنك مازلت غير متمكن من فهم آلية وحركة الأسواق المالية.. كم مرة خسرت رأس مالك في هذا السوق بسبب أنك خاطرت اكثر من اللازم في صفقة واحدة لأن توقعت حركة محددة للسعر وتفاجئت بحركة مغايرة لذلك؟ عدم استعدادك الذهني للإنفتاح على كل الإحتمالات سيجعلك ضعيفا جدا في مواجهة أي حركة مغايرة لذلك وبالتالي لن تتمكن من الإلتزام بخططك واستيراتيجياتك وإدارتك المالية لرأس مالك في اسواق المال.
الخطة البديلة:
في الواقع أنت لست بحاجة ماسة لخطة بديلة في حال كانت خطتك الأصلية تناسب حركة الأسعار اليومية.. أقصد بذلك أنك لو آمنت بشكل كامل وليس اعتقاداً فقط بأنك لا تعلم مالذي سيحدث بعد تفعيل الصفقة وكم من الوقت ستسغرق حتى تصل للهدف او تتحرك لضرب وقف خسارتك – في حال استخدمت وقف خسارة – وبأنك مرن جدا مع كل الإحتمالات الممكنة ففي هذه الحالة ستكون قد دمجت خطة بديلة تحميك من التفاجئ بحركة السعر القادمة مع خطتك واستيراتيجيتك الاصلية.. في احد لقاءات الصحفية مع الملاكم جارسيا ذكر أنه وخلال نزال مع ملاكم آخر وخلال فترة الاستراحة بين الجولات ذكر جارسيا لمدربه أنه لم يتوقع ان يكون رد فعل خصمه بهذا الشكل فرد عليه مدربه على الفور “وهل توقعت ان تقاتل الليلة كيس التدريب في صالة النادي” ..
قم من اليوم وقبل تفعيل أية صفقة قادمة بالإيمان الكامل بحدوث أية فعل أو ردة فعل من جانب السعر – الذي يحركه مضاربون آخرون لديهم خطط أخرى – وعلى ذلك قم بتطبيق ما تدربت عليه من تحليل اساسي وفني وإدارة مالية كذلك بدون أن تحاول رسم أو توقع ما سيحدث لاحقا.. إرتباطك الذهني – وإيمانك – بأنك قادر على قراءة المستقبل سيسبب لك ردة فعل عنيفة تمنعك من إتخاذ قرارت صحيحة عندما يظهر العكس..
وبالتأكيد في حالة كهذه ستخسر ارتباطك بالواقع وبالصفقات الحالية..
وبمحفظتك الاستثمارية ايضاً..