لو إستطعت ان اقوم بإقناعك بإستيراتيجية واحدة فقط ان لا تحاول تطبيقها عند تحليل السوق خصوصاً إذا كنت في السنوات الخمس الأولى التي تطبق فيها تحليلك الفني على اسواق المال فإنها ستكون بالتأكيد “عدم محاولة اكتشاف القمم والقيعان في السوق“.
هذه الإستيراتيجية تعتبر من اخطر الإستيراتيجيات التي يمكن تطبيقها وتحقيق ارباح منها ، وهي فعلاً تحتاج إلى مهارة فريدة من نوعها ، وبالرغم مما تحمله هذه الاستيراتيجية من ارباح كامنه خصوصاً إذا استطاع المتداول معرفة وإيجاد هذه النقاط الإرتدادية إلا أن الخطر في ذلك اكبر بكثير مما تحمله من فوائد.
قبل الغوص في المخاطر الكثيرة التي تحملها هذه الاستيراتيجية ، دعنا نتعرض بداية للمزايا الرائعة التي تجذب الكثير من المتداولين لهذه الاستيراتيجية ، وهي كالتالي:
- محاولة إيجاد افضل نقطة دخول في السوق (قاع أو قمة) وعدد النقاط المتوقع تحقيقها عند إنعكاس السوق.
- وقف الخسارة القريب مقارنة بالأرباح المحتملة – إذا ثبت فيما بعد بأن هذه النقاط قمم أو قيعان – وهذا يعتبر مغري ايضاً كنسبة وتناسب بين الخسارة والربح.
- الشعور بالفخر والرضا لدى المتداول عندما يعلم بأنه دخل في السوق من افضل نقطة ممكنة وقبل ان يكتشفها المتداولون الآخرون. هذه المزايا تعتبر مغرية للكل ولذلك قد يشعر القارئ الكريم مالسبب الذي يجعلني أحذر من إعتماد هذه استيراتيجية بهذه المزايا الرائعة والمخاطر المحتملة منها ، وفيما يلي الاسباب لذلك:
أولاً ، القاعدة المتفق عليها بأن الإتجاهات الصاعدة والهابطة اقرب ما تكون لتستمر في مسيرتها الحالية لا ان تعكس اتجاهها وهي كما يعرفها المحللين الفنيين بأن الإتجاهات يغلب عليها الإستمرار في مسيرتها الحالية لا أن تقوم بعكس إتجاهها.
محاولة إيجاد والإستفادة من القمم والقيعان يكون قبل تكون نماذج انعكاسية فعلا في السوق ، وهذا يعني بأن اكثر حالات الدخول في ما يتهيأ للمتداول بأنها قمم وقيعان تكون على اساس تخيلي في اغلب الوقت ، حيث يعتقد المتداول بأنه من المستحيل ان يستمر السوق في هبوطه الحالي الذي استمر لعدة اشهر سابقة ، او سنوات وبأنه آن الأوان للإتجاه الحالي لتغيير إتجاهه.
السعر يسير في اتجاهات ، وهذه الاتجاهات يليها بعض التصحيحات البسيطة التي قد لا يستفيد منها المتداول بشكل جيد ، لذا من الطبيعي جداً ان يتحرك السعر عكس إتجاهه الرئيسي لبعض الوقت قبل ان يكمل مسيرته السابقة.
غالباً ما تكون هذه النقاط هي مصيدة للثيران او مصيدة للدببة الذين يفكرون بالدخول عكس اتجاه السوق الرئيسي لإعتقادهم بأن هذا ما سيحدث فعلاً ، وهذا ما يحدث خصوصاً عندما يكون الترند في اتجاه هابط قوي او اتجاه صاعد قوي ، لذا غالبا ما يصاب هؤلاء المتداولون بالغضب والندم لدخولهم المتسرع بعد ان يصبح واضحاً بأن الترند ما زال في مسيرته السابقة.
هذا يعتبر عامل مهم جداً في ان استيراتيجية محاولة إيجاد القمم والقيعان يعتبر محرقة حقيقية ، هو أن المتداول الذي سيدخل عكس اتجاه السوق ويخسر لن يفكر بشكل تلقائي بالدخول مع اتجاه السوق الرئيسي ، وهذا ما سيجعله فقط يقف مع الجهة الخاسرة التي تحاول ايجاد القمم والقيعان ، بدلاً من الدخول مع اتجاه السعر عندما يكمل مسيرته السابقة.
إتجاه هابط قوي ، من الخطأ إعتبار كل توقف للسعر على أنه قاع جديد سيحدث منه إرتداد وفتح صفقة شراء من هذا المناطق
إتجاه صاعد قوي ، من الخطأ إعتبار كل توقف للسعر على أنه قمة جديدة ومحاولة فتح صفقة بيع في هذه المناطق
محاولة تحديد القيعان قد تكون اخطر استيراتيجية يعمل عليها المضارب في السوق
لذلك حاول في المرة القادمة ان تتمهل قبل تفعيل الصفقة وتفكر بروية ، هل الأمر يستحق المخاطرة ، أليس من الأفضل انتظار ظهور علامات تأكيدية تعطي إشارة بتغير إتجاه السوق – حتى لو تحرك لعدد نقاط اكثر – أو إنتظار السعر للتأكد من ان كان سيقوم بتكملة مسيرتة السابقة سواءاً صاعدة ام هابطة. تذكر دائماً الجملة التي يكره الكثير سماعها وهي ان الترند هو صديقك Trend is your friend لذا لا تحاول ان تسير بشكل معاكس لصديقك ، إلا عندما تتضح الصورة الكاملة بأن صديقك هو من قام بتغيير طريقه أولاً.
تقبل تحياتي