الأسعار لا تسير في خط مستقيم

لو استطعت ان اقنع نفسي قبل أن أقنع القارئ الكريم لهذا المقال بأن الأسعار لا تسير في خط مستقيم – إلا فيما ندر – لأصبحت من اكثر المضاربين سعادة وراحة بال ، وربما لو استطعت انت ايضاً من خلال التدرب اليومي على ذلك كما أفعل انا حالياً فسوف تصل بالتأكيد يوماً ما إلى سلام داخلي وراحة بال وطمأنينة انت في أشد الحاجة لها كمضارب نشط في السوق.

من المتعارف عليه والمؤكد ايضاً اننا نعمل في وظيفة صعبة جداً وشديدة الحساسية ، نحن كمضاربين نعرف تمام المعرفة بأننا معرضين بشكل يومي للضغط والتوتر نتيجة للقرارات التي نلتزم بها عند تفعيل صفقة جديدة ، كل صفقة جديدة نقوم بتفعيلها تكون معرضة للربح والخسارة بقيمة تساوي 50% لكل منهما ، وذلك مهما إختلفت اسباب الدخول في الصفقة.

لذلك وفي ظل هذا التوتر الذي نواجهه يومياً كيف نستطيع تطوير مهاراتنا للحفاظ على الحد الأقصى من الهدوء ونحن نشاهد الأسعار تتحرك عكس ما توقعناه ، هذا ما سأحاول تسليط الضوء عليه في هذا المقال إن شاء الله.

بدايةً إذا كنت تعلم بأن الأسعار لا تسير في خط مستقيم فإن ذلك سيساعدك بشكل لا يصدق على التحكم في عواطفك ومشاعرك خلال الصفقة ، من المعلوم اننا نواجه ثلاث مراحل خلال أي صفقة في السوق ، (1)قبل (2)وخلال (3) وبعد الإغلاق ، في هذا المقال نحن نتحدث عن النقطة رقم 2 وهي خلال الصفقة ، ولذلك دعنا نفهم بالضبط مالمقصود بأن الأسعار لا تسير في خط مستقيم.

البداية:

لنفترض كما هو واضح من الشارت أدناه أنك قمت بتفعيل الصفقة عند النقطة A وبحسب تحليلك للشارت انت ترى هذا المستوى كمستوى دعم ولذلك تعتقد بأن السعر عند نقطة سيرتد منها إيجاباً للأعلى وسيتجه للهدف B ووقف خسارتك عند النقطة C التي هي أدنى من مستوى الدعم (في هذه الصفقة كما هو موضح على الشارت فإن الهدف هو مستوى المقاومة السابق وهو في هذا المثال 34 نقطة ووقف الخسارة 17 نقطة كما هو مبين على الرسم).

هذا التحليل وتحديد المستوى المستهدف ووقف الخسارة كان من ضمن النقطة الأولى وهي رقم 1 (قبل تفعيل الصفقة) ، الآن وبعد تفعيل الصفقة اصبحنا في الحالة رقم 2 وهي (خلال الصفقة) ، في هذه الحالة بالذات انت مطالب بمفهوم أن السعر لن يسير في خط مستقيم ، معنى ذلك ان الصفقة لن تتجه مباشرة للهدف ، ولو أن هذا ما نتمناه جميعاً بعد تفعيل صفقاتنا في السوق ، ولكن بدلاً من ذلك قد يحدث التالي.

والآن بالنظر للشارت أعلاه ، سنشاهد أنه حتى مع سبب الدخول الفني للصفقة وتحديد نقطة الدخول والمستوى المستهدف ووقف الخسارة ، إلا أن نتيجة الصفقة ستختلف من مضارب لآخر !!! لنشاهد السبب.

الشمعة رقم 1 اصابت المضارب بالسعادة حيث كانت شمعة ايجابية صاعدة بعد تفعيل الصفقة عند الشمعة التي سبقتها تماماً ، الشعور بالرضا التام حيث أن السعر يسير كما نريد بالضبط

الشمعة رقم 2 ازالت الارباح بالكامل ، بعض المضاربين في السوق خرجوا عندما وصل السعر لنقطة البداية بدون أرباح او خسائر ، الإعتقاد الآن بأن السعر سيكسر مستوى الدعم ويضرب وقف الخسارة. طبعاً مع ندم انهم لم يغلقوا الصفقة بربح بسيط بعد اغلاق الشمعة رقم 1.

الشمعة رقم 3 أكدت هذا المفهوم ، بعض المضاربين الآخرين شعروا بالندم أنهم لم يخرجوا باكراً من الصفقة بدون خسائر ، قاموا بإغلاق الصفقة يدوياً بنصف الخسارة لأن السعر سيتجه لا محالة لضرب وقف الخسارة.

الشمعة رقم 4 خرج منها مضاربين آخرين الذين يشعرون الآن بسعادة بالغة لأن السعر عاد مرة أخرى لنقطة الصفر وخرجوا من الصفقة بدون خسائر !!!

الشمعة رقم 5 لم يصل معها للأرباح التي كانت مقررة من قبل تفعيل الصفقة إلا عدد قليل جداً من المضاربين الذين تدربوا كثيراً على مفهوم أن الأسعار لا تسير أبداً في خط مستقيم وحصلوا على ارباحهم كاملة من الصفقة.

الختام

بالرغم من أن سبب الدخول والمستوى المستهدف ووقف الخسارة كان متشابهاً تماماً لعدد من المضاربين إلا أن بعضهم أغلق الصفقة بدون ربح او خسارة ، البعض الآخر أغلق الصفقة على خسارة ، والقليل جداً ممن حقق أرباحه كاملة ، أليس هذا معناه أن التحليل الفني ليس بحد ذاته السبب الوحيد للربح والخسارة ، جميع هؤلاء المضاربين كان سبب دخولهم فني ومتشابه ايضاً ، ما اختلف عند الجميع هو مفهوم الاسعار التي لا تسير في خط مستقيم ، ما يهم فعلاً هو إلتزامك بوقف خسارتك وهدفك من الصفقة ، وليس فقط الشعور بالإحباط في كل شمعة هابطة نراها عندما نشتري وفي كل شمعة صاعدة عندما نبيع ، الأسعار تتذبذب صعوداً وهبوطاً ولكن ما يهمنا فقط هو وصول السعر للهدف قبل وصوله لوقف الخسارة.

إنتظارنا وهدوؤنا على الصفقة هو ما يميزنا..

وهو سبب نجاحنا وتحقيقنا للأرباح..

فقط في فهم بعض المبادئ الخاصة بحركة وسلوك السعر..

ومن أهمها طبعاً ما تحدثنا عنه في هذا المقال ، وهو أن الأسعار لا تسير ولن تسير في المستقبل في خط مستقيم..