كم هي الأرباح المتوقعة التي يمكن لمضارب الأسهم والعملات تحقيقها بشكل شهري؟
هذا السؤال يصلني بشكل دوري على الإيميل ولذلك سأقوم بتخصيص هذا المقال لشرح هذا الموضوع.. طبعا النسب المذكورة أدناه المقصود بها المضاربين القادرين على تحقيق أرباح.. وبشكل مستمر..
وبالطبع الأرقام أدناه ليست مقنعة بشكل كامل وذلك لصعوبة إيجاد مصدر قادر على جمع هذه الأرقام ولكن تم تبني الأرقام أدناه بناءاً على رؤية شخصية ومعرفة مع عدد من المضاربين في سوق الأسهم والعملات..
بالنسبة للأسهم:
مضارب الأسهم يستطيع توقع نسبة بين 0.50% نصف بالمائة إلى 1.50% واحد بالمائة بشكل شهري.. هل تشعر بأن هذه النسبة قليلة جداً ولا تستحق الجهد.. معك حق في ذلك..
ولكن لا تنسى بأن سوق الأسهم لا يوفر رافعة مالية وبالتالي فأنت بحاجة لرأس مال مناسب ( لنقل مائة الف ريال 100,000 واكثر ) لكي تستطيع الشراء والاحتفاظ بحرية اكبر.. وحتى بالرغم من ضخامة رأس المال تبقى النسب المئوية المتوقعة لرأس المال منخفضة للغاية لأن المضارب مطالب بشراء كامل الأسهم عند تنفيذ العملية وهذا بالتالي سيحد من قيمة الربح المئوية العائدة على هذا الإستثمار..
هل تعلم مضاربين قادرين على تحقيق نسبة اعلى من ذلك بكثير؟ بالطبع يوجد مضاربين قادرين على تحقيق اكثر من ذلك بنسبة كبيرة.. ولكن اتمنى لو انك تعرفهم بشكل شخصي وليس فقط عن طريق التواصل الاجتماعي ( وبالذات تويتر )..
البعض يعتقد بشكل خاطئ بأن هناك مضاربين قادرين على تدبيل رأس المال بشكل شهري بالنظر فقط الى تغريداتهم المستمرة على تويتر وغيره من وسائل التواصل.. لو كان الأمر كذلك لكانت النسبة الحقيقية للرابحين في السوق هي 80% واكثر..
وضع تغريدة عن توقع حركة سهم مستقبلية يعتبر أمر سهل جداً ولا تتداخل به العواطف البشرية المختلفة كالخوف والقلق والضغط النفسي في التأثير على قرارت هؤلاء المضاربين ( أو المغردين ) وبالتالي يمكن لأي شخص إقناع الآخرين بقوته ونجاحه وذكاؤه ايضاً في توقع حركة السعر عن طريق استخدام استيراتيجية ( قبل وبعد ) لتثبيت فكرة أنه استطاع قراءة حركة السعر قبل عدة اشهر او عدة ايام وكيف أن السعر تحرك كما كان يعتقد هو بالضبط..
بالإضافة إلى حقيقة واضحة جداً وهي أن وضع تغريدة معينة من فئة (قبل وبعد) لا تثبث بأي شكل من الأشكال دخول هذا – المغرد – في هذه الصفقة بالفعل..
كما أن المغردين يقومون بعمل تشويه للوقائع بشكل يخدم توجهاتهم هم فقط وذلك بعرض التغريدات التي حققت أهدافها ويتناسون أن يقومون بالتعليق على بقية الشارتات التي قاموا بتنزيلها على حساباتهم وتحرك السعر فيها بشكل مغاير..
كل هذا واكثر يجعل الكثير من المتابعين والمضاربين يعتقدون بشكل خاطئ بأنه يمكن تحقيق ارباح خيالية 100% واكثر سنويا في سوق الاسهم بالرغم من عدم وجود رافعة مالية تدعم ذلك.. هذا بدون أن نذكر مليون سبب آخر يمنع المتداولين من تحقيق ارباح مجزية كالحالة النفسية الصحيحة للمضارب والإدارة المالية الصارمة لرأس المال والاستيراتيجية التي يتبعها المضارب لبناء قراراته اليومية الخاصة بفتح وإدارة وإغلاق الصفقات.
مثال بسيط:
لنفترض أنك وجدت سهم عند سعر 23.00 ريال وتوقعت أن السهم سيصعد إلى مستوى 25.00 ريال (صعود بنسبة 8.70%) ، وبالفعل قمت بشراء 1,000 سهم بناءاً على توقعك هذا.. ورأس مال محفظتك هو 100,000 ريال.
توقعك كان صحيح وصعد السعر إلى المستوى المستهدف عند 25.00 ريال في غضون شهرين بعد صعود بسيط وحركة جانبية ثم صعود للمستوى المستهدف..
الآن لنقم بعمل حساب بسيط لهذه الصفقة..
الربح (نسبة مئوية) على رأس المال: (2,000 ريال (ربح ريالين من 1,000 سهم) / 100,000 ريال (رأس مال المحفظة) * 100 = 2%
لا تنسى بأن 23% من قيمة المحفظة كانت محجوزة طوال فترة شهرين حتى تم إغلاق الصفقة بعد أن قمت بشراء هذه الأسهم..
الآن وبدون عمل حسبة للصفقات الخاسرة – أو المتعلق بها المضارب بخسائر عائمة – كم يمكن لأي مضارب تكرار الصفقة السابقة خلال سنة كاملة.. هذا مع افتراض بأن المضارب يمتلك كل الأدوات المناسبة للنجاح في السوق من استعداد ذهني وإدارة مالية وتحليل فني الخ..
في المحصلة ستجد أن المضارب الناجح – في التداول وليس في وسائل التواصل – قادر عل تحقيق 10 إلى 15 بالمائة من رأس المال كربح في سوق الأسهم.. وهذا قد لا يكون بشكل مستمر ايضاً.. ولكن قد تزيد هذه النسبة المئوية ايضاً لأعلى من ذلك ولكننا ذكرنا المعدل الوسطي فقط.
استثناء لهذا القاعدة:
لا تقم بإخباري عن أرباح تجاوزت الـ 50% خلال عام 2020 لأنه كان عام ايجابي بإمتياز.. انا استطعت وبتوفيق الله من تحقيق نسبة رائعة جدا خلال العام الماضي 2020 ولكن هذا لا يعد مقياس نظرا للسوق الصاعد القوي الذي بدأ من شهر 3 ميلادية من نفس العام.. افضل رقم يمكنك فيه مقارنة الأرباح الخاصة بمحفظتك هو بمتابعة 36 شهر متتابعة (ثلاث سنوات) حتى تعرف النسب المئوية المتوقع تحقيقها خلال السنوات القادمة.. وليس الإعتماد على سنة واحدة فقط.
بالنسبة للعملات:
في حال استطاع المضارب استخدام إدارة مالية صارمة ولم يقم بمحاولات عبثية بزيادة هامش المخاطرة في صفقاته اليومية واستخدام الرافعة المالية استخدام خاطئ فبالإمكان تحقيق نسبة مئوية تتراوح بين 3% إلى 4% بشكل شهري.. من المميزات الرائعة الموجودة في العملات ويفتقدها المضارب في الأسهم ميزة البيع والشراء وليس التركيز على الشراء فقط..
في الأسهم يوجد بيع على المكشوف (لم يتم تفعيلها بعد في السوق السعودي) ولكن الأمر يختلف في العملات..
عمليات البيع في العملات لا تعتبر بيع على المكشوف واقتراض بالمعنى التقليدي لهذه الميزة ولكنه يعتبر أمر بيع عادي لأن التداول يتم على أزواج..
فبدلا من شراء العملة الأساس في صفقات الشراء العادية تكون صفقة البيع هي عملية شراء بالأصل لعملة التسعير (العملة الثانية في تركيبة الزوج) وبالتالي تكون العملية سلسة ومرنة للغاية..
أسوأ ما قد يواجه المضارب في هذا السوق هو الإستخدام السئ للرافعة المالية والتي قد تجعله يخسر كل شئ في فترة وجيزة.. تحدثت عن ذلك في مقالات سابقة.. وبإمكانك الرجوع إلى هذا المقال لمعرفة مزايا وعيوب سوق الاسهم والعملات والاوبشن
كلمة أخيرة..
قد تعترض معي في هذا المقال في نقطتين وهما:
- النسب المذكورة قليلة للغاية
- الرابحين في السوق يحققون ارباح بالملايين والأمر ليس بتلك الصعوبة
بالنسبة للنقطة الأولى اخي واختي الكريمة.. هذه الفكرة لا تلقى القبول المطلوب عند الكثير بسبب كثرة الإعلانات الخاطئة عن الأرباح الخرافية التي يحققها البعض.. مفردات كثيرة مثل أسهم نسبة ، أسهم تدبيلة وغيرها اصبحت هي المسيطرة على عقول المضاربين بالرغم من أن ذلك هو الإستثناء وليس القاعدة..
الطبيعي والمطلوب هو تحقيق ارباح معقولة ومستمرة وليس البحث عن صفقات لتدبيل رأس المال في يوم واحد..
بالنسبة للأمر الآخر وهو أن المضاربين يحققون الملايين فهذه النقطة تستحق لحظة توقف.. في البداية لا تقم بخلط الأوراق بعضها ببعض.. صعود أسهم معينة أو عملات رقمية بشكل صاروخي للأعلى لا يعني بالضرورة أن الكثير حققوا الملايين خلف هذه الصعود.. صعود سهم ما بشكل قوي للأعلى يعني زيادة الطلب بالتأكيد ولكن ذلك لا يعني بأن المضاربين قاموا بالشراء من القاع وباعوا في القمة.. بالإضافة إلى أن الأمر لا يحتاج لكل ذلك ليصعد السهم بهذا الشكل.. يكفي استمرارية الطلب بأسعار مختلفة صاعدة ليصعد معها السهم للأعلى وتحقيق قمم تاريخية.
الأمر الآخر الذي يصدقه الكثير للأسف هو الإعلانات المضللة التي نراها في كل مكان تقريبا.. قم بفتح فيديو على اليوتيوب مثلا وستجد إعلان لشخص يقف بجانب سيارة فارهة أو طائرة خاصة ليخبرك فيها بأنه قام بشراء هذه السيارة أو تلك الطائرة من وراء تداولاته اليومية ثم يطلب منك الإشتراك في إحدى الخدمات التافهه التي يقدمها بقيمة 299 ريال!! أو إعلان آخر لشخص قادر على تحقيق 7,328 ريال يوميا (سبحان الله) وبعد أن قام بتحقيق ثروة هائلة في السوق اصبح يرغب فجأة في مشاركة استيراتيجيته مع أول مائة متقدم لهذا الكورس الرائع بقيمة 500 ريال فقط!
نعم هناك اشخاص يحققون الملايين ولكنهم قلة قليلة جداً واستطاعوا تحقيق ذلك بعد توفيق الله سبحانه وتعالى ثم بالجد والاجتهاد وسنوات طويلة من التطبيق والممارسة وتصحيح الأخطاء.. وليس لأنهم قاموا بالإشتراك مع فتى عمره 22 عام يدعي بأنه اصبح ملتيمليونير ويرغب في مشاركة السر العظيم معك بقيمة زهيدة من المال..
كلمة أخيرة أخرى..
هل تعلم بأنك لو استطعت انهاء عام كامل بتحقيق ربح بغض النظر عن مقدار هذا الربح فأنت في وضع افضل بكثير من نسبة لا تقل عن 80% من المتداولين حول العالم والذين تنتهي معهم السنة كاملة بخسائر.. هناك طرق رائعة لتنمية رأس المال بدلا من تصديق الإشاعات والدعايات السخيفة التي نراها على النت واليوتيوب حول أشخاص قاموا ببناء ثروة هائلة في الأسواق المالية بدون دليل مادي على ذلك..
إحدى هذه الطرق التي يمكنك منها بناء حساب يتنامى رأس ماله مع الوقت هي بإستخدام الربح المجمع لتنمية رأس المال وذلك عن طريق إبقاء الفوائد بدون أن تقوم بسحبها والمضاربة على رأس المال مع الربح الجديد..
ولعلنا نتحدث في مقال منفصل عن هذه الميزة الرائعة بإذن الله.. وعن كيفية بناء حساب كهذا بالإدخار والإستثمار والمضاربة..
والله الموفق..