أسوأ الصفقات في الأسهم والعملات هي التي تعرف نتيجتها مسبقاً

تختلف عدد الصفقات التي ينفذها كل مضارب عن الآخر في اسواق المال ، المضارب قصير الاجل قد ينفذ عدة صفقات في اليوم الواحد في حين ان المضارب متوسط وطويل الاجل قد يقوم بتنفيذ صفقتين الى ثلاث صفقات في الاسبوع ، لذلك سنأخذ معدل عدد صفقات لجميع المضاربين على أساس صفقة واحدة في اليوم.

والآن ، لماذا تعتبر هذه الصفقة التي تقوم بتنفيذها يومياً في الاسهم او العملات خطيرة جداً إذا كنت تعرف نتيجتها مسبقاً ، الإجابة على هذا السؤال تعتبر حيوية جداً ومهمة لمعرفة اسباب خسارتنا المستمرة في اسواق المال.

الصفقات التي تعرف نتيجتها مسبقاً:

بداية وقبل ان نتعمق اكثر في هذا المقال دعوني أخبركم بسر يعرفه الجميع ومع ذلك يتجاهله الجميع ايضاً ولا يلقون له أي بال ، لا احد في هذا العالم (من الانس والجن) قادر على معرفة نتيجة صفقة ما وقت تنفيذها ، النتائج دائماً غامضة وغير واضحة حتى مع وجود اكثر من دليل فني على نجاحها ، لا يهم اطلاقاً عدد المؤشرات الفنية ونماذج الشموع المختلفة والاخبار الايجابية على تأكيد صعود سهم او عملة ما ، جميع هذه المؤشرات تعطي إِشارات فقط وليس بالضرورة ان يستجيب السوق لهذه الاشارات.

بالرغم من هذه المعلومة البديهية التي من المفترض ان الكل يعلمها ، مازال هناك الكثير من المضاربين الذين يصابون باليأس والإضطراب عندما يقوم السعر بضرب الوقف وتنتهي الصفقة بخسارة ، إذا كان التداول هو لعبة احتمالات وارقام فقط كما قام بتصنيفها الخبراء ، فلماذا يصاب الكثير بالإحباط ويشعر برغبة عارمة بالإنتقام من السوق بزيادة المخاطرة في الصفقات التي تلي الصفقات الخاسرة إذا كانت النتيجة النهائية لصفقة ما وقت تنفيذها غير محسوم؟

الإجابة على هذا التساؤل تأتي في عنوان هذا المقال ، هذا الشعور السلبي الذي يشعر به الكثير من المضاربين هو نتيجة طبيعية لإعتقادهم بأن النتيجة للصفقة الحالية معروف مسبقاً ، الإرتباط العاطفي بين المضاربين وبين الصفقات التي يبدوا عليها ناجحة تماماً وقت تنفيذها هو ما يسبب للمتداولين هذا الكم الهائل من التضايق عند خسارة صفقة ما ، التوقعات التي يحملها المضاربين معهم الى السوق هو ما يسبب لهم هذا الألم بعد الخسارة.

والآن لنفترض هذا السيناريو لمتداولين اثنين ونتوقع ردة الفعل لكل واحد منهما على حدى ونرى الفارق بين النتائج بالنسبة لهؤلاء المتداولين:

المتداول الأول:

هذا المتداول شاهد فرصة للدخول في حال هبوط السعر الى مستوى 58.00 ريال بسبب ارتداده الايجابي السابق ، لذا قرر الشراء عند نفس المستوى في حال عودة السهم للتداول عند نفس المستوى ، ولكن بسبب إيمانه المفرط بصحة تحليله (ولظنه انه يعلم نتيجة هذه الصفقة مسبقاً) قام بالتعلق بالسهم لاكثر من عام ونصف وما زال يأمل بعودة السهم لنفس المستوى بعد ان قام بتجميد رأس ماله لفترة طويلة ، هذا السيناريو يتكرر بشكل يومي في السوق بسبب عدم ايمان بعض المتداولين بمبدأ الاحتمالات ويقومون بدلاً من ذلك باستخدام مبدأ اليقين رغم ان نتيجة أي صفقة في السوق غير معلومة لأحد. والآن لنقارن هذا المتداول بمتداول آخر قام بالشراء عند نفس المستوى وبنفس السهم ولنفس الاعتقاد ايضاً ، ولكن بإختلاف كبير بين نوعية عقل هذا المتداول مع المتداول رقم 1.

المتداول الثاني:

هذا المتداول قام بشكل احترافي بتعريف المستوى الذي سيثبت له عدم نجاح هذه الصفقة وبأن الكسر لمستوى الدعم كان كسراً حقيقياً ، هذا المتداول قام بتصريف السهم بعد يوم واحد من كسر مستوى الدعم وتفادى هبوط سعر السهم اكثر من ذلك ، وايضاً قام بإستخدام رأس ماله (بعد خسارة هذه الصفقة) في تفعيل صفقات اخرى في السوق قد تكون قد حققت له اهدافاً ايجابية. هذا المتداول يؤمن بشكل كامل بمبدأ الاحتمالات وبمبدأ توزيع الصفقات الرابحة والخاسرة ، هذا المتداول لا يحمل التفكير العنيد الذي يحمله الآخرين ويعلم بأن صفقات أخرى ستسير على ما يرام ويعوض ما خسره في هذه الصفقة.

بإختصار ، المتداول رقم 2 لا يعلم نتيجة الصفقة مسبقاً ، ويعلم ايضاً بأنه لا احد قادر على معرفة نتيجة صفقة في السوق مسبقاً إلا الله سبحانه وتعالى ، وهنا يكمن الفارق الخطير بين التفكير الصحيح والتفكير الثابت